للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُوضحُه الوَجهُ الثانِي: وهو أنَّ وَلدَ الوَلدِ يَمنعُ الإِخوةَ مِنْ المِيراثِ، ويُخرِجُ المَسأَلةَ عن كَونِها كَلالةً لدُخولِه في قولِه: ﴿لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ﴾ [النساء: ١٧٦]، ونِسبةُ أبِ الأبِ إلى المَيتِ كنِسبةِ وَلدِ وَلدِه إليه، فكما أنَّ الوَلدَ وإنْ نزَلَ يُخرِجُ المَسأَلةَ عن الكَلالةِ فكذلك أبُ الأبِ وإنْ عَلا، ولا فرقَ بينَهما البَتةَ.

يُوضِّحُه الوَجهُ الثالِثُ: وهو أنَّ نِسبةَ الإِخوةِ إلى الجدِّ كنِسبةِ الأَعمامِ إلى أَبي الجدِّ؛ فإنَّ الأخَ ابنُ الأبِ والعمَّ ابنُ الجدِّ، فإذا خلَّفَ عمَّه وأَبا جدِّه فهو كما لو خلَّفَ أَخاه وجدَّه سَواءٌ، وقد أَجمعَ المُسلِمونَ على تَقديمِ أبِ الجدِّ على العمِّ، فكذلك يَجبُ تَقديمُ الجدِّ على الأخِ، وهذا من أَبينِ القِياسِ وإنْ لَم يَكنْ هذا قِياسًا جَليًّا فليسَ في الدُّنيا قِياسٌ جَليٌّ (١).

وذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ والصاحبانِ من الحَنفيةِ أَبو يُوسفَ ومُحمدٌ إلى أنَّ الجدَّ لا يَحجُبُ الإِخوةَ والأَخواتِ الأَشقاءَ أو لأبٍ، بلْ يَتقاسَمونَ التَّركةَ فيما بينَهم، إلا أنَّ الجدَّ لا يَنقصُ عن الثُّلثِ معَ الإِخوةِ للأبِ والأمِّ أو للأبِ إلا معَ ذَوي الفُروضِ، فإنَّه لا يَنقصُه معَهم مِنْ السُّدسِ شيئًا.


(١) «إعلام الموقعين» (١/ ٤٧٤، ٤٧٥)، وذكَرَ حُججًا كَثيرةً على هذا، ويُنظَر: «التجريد» للقدوري (٨/ ٣٩٤٤، ٣٩٥٧)، و «مختصر اختلاف العلماء» (٤/ ٤٦١، ٤٦٢)، و «أحكام القرآن» (١٠٠/ ١٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>