للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجُمهورُ أهلِ هذا القولِ على مَذهبِ زَيدٍ كمالكٍ والشافِعيِّ وأَحمدَ، وأما قولُ عليٍّ في الجدِّ فلَم يَذهبْ إليه أحدٌ مِنْ أَئمةِ الفُقهاءِ، وإنَّما يُذكرُ عن ابنِ أَبي لَيلى أنَّه كانَ يَقضِي به ويُذكرُ عن عليِّ فيه أَقوالٌ مُختَلفةٌ (١).

وقالَ ابنُ القَيمِ : والقُرآنُ يَدلُّ لقولِ الصِّديقِ ومَن معَه مِنْ الصَّحابةِ كأَبي موسَى وابنِ عَباسٍ وابنِ الزُّبيرِ وأربَعةَ عَشرَ منهم ، ووَجهُ دِلالةِ القُرآنِ على هذا القَولِ قولُه تَعالَى: ﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ﴾ [النساء: ١٧٦] إلى آخِرِ الآيةِ، فلَم يَجعلْ للإِخوةِ مِيراثًا إلا في الكَلالةِ.

وقد اختَلفَ الناسُ في الكَلالةِ، والكِتابُ يَدلُّ على قولِ الصِّديقِّ أنَّها ما عَدا الوالدَ والولدَ؛ فإنَّه سبحانه قالَ في مِيراثِ وَلدِ الأمِّ: ﴿وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ﴾ [النساء: ١٢] فسوَّى بينَ مِيراثِ الإِخوةِ في الكَلالةِ وإن فرَّقَ بينَهم في جِهةِ الإِرثِ ومِقدارِه، فإذا كانَ وُجودُ الجدِّ معَ الإِخوةِ للأمِّ لا يُدخِلُهم في الكَلالةِ بل يَمنعُهم من صِدقِ اسمِ الكَلالةِ على المَيتِ أو عليهم أو على القَرابةِ فكيفَ أَدخلَ ولدَ الأبِ في الكَلالةِ ولَم يَمنعْهم وُجودُه صِدقَ اسمِها؟ وهل هذا إلا تَفريقٌ مَحضٌ بينَ ما جمَعَ اللهُ بينَه؟


(١) «منهاج السنة النبوية» (٦/ ٩٦، ٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>