للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ شيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيميَّةَ : فإنَّ الصَّحابةَ في الجدِّ معَ الإِخوةِ على قَولينِ: أنَّه يُسقِطُ الإِخوةَ، وهذا قولُ أَبي بكرٍ وأَكثرِ الصَّحابةِ كأُبيِّ بنِ كعبٍ وأَبي موسَى وابنِ عَباسٍ وابنِ الزُّبيرِ، ويُذكرُ عن أربَعةَ عشرَ منهم، وهو مَذهبُ أَبي حَنيفةَ وطائِفةٍ مِنْ أَصحابِ الشافِعيِّ وأَحمدَ كابنِ سُريجٍ مِنْ أَصحابِ الشافِعيِّ وأَبي حَفصٍ البَرمكِيِّ من أَصحابِ أَحمدَ، ويُذكرُ هذا رِوايةً عن أَحمدَ.

وهذا القولُ هو الصَّحيحُ؛ فإنَّ نِسبةَ بَني الإِخوةِ مِنْ الأبِ إلى الجدِّ كنِسبةِ الأَعمامِ بَني الجدِّ إلى الجدِّ أَبي الأبِ، وقد اتَّفقَ المُسلِمونَ على أنَّ الجدَّ أَبا الأبِ أَولى مِنْ الأَعمامِ فيَجبُ أنْ يَكونَ الجدُّ أَبو الأبِ أَولى مِنْ الإِخوةِ.

وأيضًا: فإنَّ الإِخوةَ لو كانُوا لكَونِهم يُدلونَ ببُنوةِ الأبِ بمَنزِلةِ الجدِّ لكانَ أَبناؤُهم وهم بَنو الإِخوةِ كذلك كانَ أَولادُهم ليسُوا بمَنزِلتِهم عُلمَ أنَّهم لا يَتقدَّمونَ ببُنوةِ الأبِ، ألا تَرى أنَّ الابنَ لمَّا كانَ أَولى مِنْ الجدِّ كانَ ابنُه -ابنُ الابنِ- بمَنزِلتِه.

وأيضًا: فإنَّ الجدةَ كالأمِّ فيَجبُ أنْ يَكونَ الجدُّ كالأبِ، ولأنَّ الجدَّ يُسمَّى أبًا، وهذا القولُ هو إِحدَى الرِّوايَتينِ عن عُمرَ.

والقولُ الثانِي: أنَّ الجدَّ يُقاسِمُ الإِخوةَ، وهذا قولُ عليٍّ وزَيدٍ وابنِ مَسعودٍ ورُويَ عن عُثمانَ القَولانِ ولكنَّهم مُختلِفونَ في التَّفصيلِ اختِلافًا مُتباينًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>