وقالَ الرَّمليُّ: ويَمتنِعُ عليه عَزلُ نَفسِه أيضًا إذا كانَت إِجارةً بعِوضٍ، فإنْ كانَت بعِوضٍ من غيرِ عَقدٍ فهي جَعالةٌ، قاله الماوَرديُّ، وما اعتَرضَ به من أنَّ شَرطَ صِحةِ الإِجارةِ إِمكانُ الشُّروعِ في المُستأجِرِ له عَقبَ العَقدِ وهنا ليسَ كذلك، وإنَّ شَرطَها العِلمَ بأَعمالِها وأَعمالِ الوِصايةِ مَجهولةٌ، أَجابَ السُّبكيُّ عن الأولِ بأنَّ صُورتَه أنْ يَستأجِرَه المُوصي على أَعمالٍ لنَفسِه في حَياتِه ولطِفلِه بعدَ مَوتِه، أو يَستأجرَ الحاكِمُ على الاستِمرارِ على الوَصيةِ لمَصلحةٍ رآها بعدَ مَوتِ المُوصي، وأمَّا الثاني فجَوابُه كَونُ الغالِبِ عِلمُها وبأنَّ مَسيسَ الحاجةِ إليها اقتَضى المُسامَحةَ بالجَهلِ بها، وقَولُ الكافي: لا يَصحُّ الاستِئجارُ لذلك ضَعيفٌ، وإذا لزِمَت الوِصايةُ بالإِجارةِ وعجَزَ عنها استُؤجِرَ عليه من مالِه مَنْ يَقومُ مَقامَه فيما عجَزَ عنه، وجازَ ذلك مع أنَّها إِجارةُ عَينٍ وهي لا يُستَوفَى فيها من غيرِ المُعينِ؛ لمَا قالَه الأذرَعيُّ من أنَّ ضَعفَه بمَنزلةِ عَيبٍ حادِثٍ، فيَعملُ الحاكِمُ ما فيه المَصلحةُ من الاستِبدالِ به والضَّمِّ إليه (١).
وقالَ الحَنابِلةُ: للوَصيِّ عَزلُ نَفسِه متى شاءَ مع القُدرةِ والعَجزِ في حَياةِ المُوصي وبعدَ مَوتِه وفي حُضورِه وغَيبتِه؛ لأنَّه مُتصرِّفٌ بالإِذنِ كالوَكيلِ.
ويَتَّجهُ: ولا يَعودُ من عَزلِ نَفسِه وَصيًّا بلا عَقدٍ جَديدٍ لإِعراضِه عن الوِصايةِ باختِيارِه كالوَكيلِ إذا عزَلَ نَفسَه من الوَكالةِ؛ لأنَّه ترَكَ حَقَّه من عندِ نَفسِه فافتقَرَ عَودُه إلى عَقدٍ جَديدٍ من المُوصي إنْ كانَ مَوجودًا، أو مِنْ الحاكِمِ عندَ عَدمِ المُوصي.