للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنْ يُنفقَ على نَفسِه بالمَعروفِ، ولا يَحتاجُ في هذا القَبضِ إلى إِذنِ الحاكِمِ.

فإنْ كانَ الوَصيُّ أجنَبيًّا فَقيرًا فله أنْ يَأخُذَ من مالِ الطِّفلِ قَدرَ أُجرةِ عَملِه، فإنْ كانَ قَدْرُ أُجرتِه لا يَكفيه فله أخْذُ قَدرِ كِفايتِه بشَرطِ الضَّمانِ؛ لقَولِ عُمرَ : «إنِّي أُنزلُ نَفسي في مالِ اللهِ مَنزلةَ وَليِّ اليَتيمِ، إنِ احتَجتُ إليه أخَذتُ منه، وإنْ أيسَرتُ رَدَدتُه، وإنِ استَغنَيتُ استَعفَفتُ» (١).

وقالَ الحَنابِلةُ: وللوَليِّ أنْ يَأكلَ من مالِ المُولَّى عليه بقَدرِ عَملِه إذا احتاجَ إليه، لقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [النساء: ٦] قالت عائِشةُ: «نزَلَت في والي اليَتيمِ الذي يَقومُ عليه ويُصلحُ مالَه، إنْ كانَ فَقيرًا أكَلَ منه بالمَعروفِ» (٢)، ولمَا رَوى عَمرُو بنُ شُعَيبٍ عن أبيه عن جَدِّه «أنَّ رَجلًا أتى النَّبيَّ فقالَ: إنِّي فَقيرٌ ليسَ لي شَيءٌ، ولي يَتيمٌ. قالَ: فقالَ: كلْ من مالِ يَتيمِك غيرَ مُسرِفٍ ولا مُبادِرٍ ولا مُتأثِّلٍ» (٣)، ولأنَّه إنَّما يَستحِقُّ بعَملِه فتقَيَّدَ بقَدرِه، وإذا كانَ فَقيرًا فله أقَلُّ الأمرَينِ: أُجرتُه أو قَدرُ كِفايتِه؛ لأنَّه يَستحِقُّه بالعَملِ والحاجةِ جَميعًا فلم يَجُزْ أنْ يَأخذَ إلا ما وُجِدا فيه، فلو كانَت أُجرةُ مِثلِه عَشرةَ دَراهمَ وكانَ قَدرُ كِفايتِه خَمسةَ عَشرَ لم يَكنْ له إلا أُجرةُ المِثلِ، والعَكسُ بالعَكسِ ولو لم يُقدِّرْه حاكِمٌ، وأمَّا


(١) «النجم الوهاج» (٦/ ٣٣٨، ٣٣٩)، و «مغني المحتاج» (٤/ ١٣٠).
(٢) أخرجه البخاري (٢٢١٢)، ومسلم» (٣٠١٩).
(٣) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أَبو داود (٢٨٧٢)، والنسائي (٣٦٦٨)، وابن ماجه (٢٧١٨)، وأَحمد (٧٠٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>