لا؟ (أَجابَ): ليسَ له ذلك لشُروعِه مُتبرعًا، وهذا ممَّا لا يُشكُّ في حُرمتِه ذو فَهمٍ سَليمٍ، وانظُرْ إلى قَولِ اللهِ تَعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ﴾ [الأنعام: ١٥٢]، واللهُ تَعالى أعلَمُ.
لكنْ قالَ في جَوابِ سُؤالٍ آخَرَ: هذه المَسألةُ فيها اختِلافُ قِياسٍ واستِحسانٍ، ففي «الخانية»، و «البَزَّازية» له ذلك لو كانَ مُحتاجًا استِحسانًا، وفي «القُنية» صحَّحَ أنْ لا أجرَ له، وقد تقرَّرَ أنَّ المَأخوذَ به الاستِحسانُ إلا في مَسائلَ ليسَت هذه منها، وإذا كانَ الاستِحسانُ أنَّ له ذلك بدونِ تَعيينِ القاضي فبتَعيينِه أوْلى، وأنت خَبيرٌ بأنَّ نَقلَ «القُنية» لا يُعارضُ نَقلَ قاضي خان؛ فإنَّ قاضي خان من أهلِ التَّرجيحِ كما صرَّحَ به الشَّيخُ قاسِمٌ في تَصحيحِه، واللهُ تَعالى أعلَمُ.
ولا يَخفَى أنَّ ما في «القُنية» لم يُقيَّدْ بالاحتِياجِ، فلا يُخالِفُ ما في «الخانية» على أنَّ الذي في «القُنية» يَحتمِلُ أنْ يَكونَ مَبنيًّا على القِياسِ الذي هو قَولُ الإِمامِ، ومالَ إليه الفَقيهُ، فهو تَصحيحٌ للقَولِ الآخَرِ نقَلَه عن غيرِه، تأمَّلْ، وقالَ الخَيرُ الرَّمليُّ أيضًا في حاشيَتِه على «الأَشباه» في أواخِرِ كِتابِ الأَماناتِ بعدَ كَلامٍ طَويلٍ، ولا يَخفى أنَّ وَصيَّ المَيتِ إذا امتنَعَ عن القيامِ بالوَصيةِ إلا بأجرٍ لا يُجبَرُ على العَملِ؛ لأنَّه مُتبرعٌ ولا جَبْرَ على المُتبرعِ، فإذا رأى القاضي أنْ يَعملَ له أُجرةَ المِثلِ فما المانِعُ منه؟ وهي واقِعةُ الفَتوى، وقد أفتَيتُ به مِرارًا.
وقد علِمتُ أنَّ الاستِحسانَ إنَّما هو فيما إذا كانَ مُحتاجًا لا مُطلَقًا، فغيرُ