المُحتاجِ لا أجرَ له؛ لأنَّه دخَلَ في الوِصايةِ مُتبرعًا من أولِ الأمرِ، وهو -وإنْ كانَ لا يُجبَرُ على التِّجارةِ في مالِ اليَتيمِ وعلى اقتِضاءِ دُيونِه- إذا فعَلَ شَيئًا من ذلك يَكونُ قد فعَلَ ما التزَمَ أنْ يَفعلَه مُتبرعًا حين قَبولِه الوِصايةَ من المَيتِ، حتى كانَت لازِمةً له فلا يَملِكُ عَزلَ نَفسِه ولا يَملكُ القاضي عَزلَه في الصَّحيحِ إلا بخِيانةٍ ظاهِرةٍ أو فِسقٍ ظاهِرٍ، وهذا في وَصيِّ المَيتِ، أمَّا وَصيُّ القاضي فله عَزلُ نَفسِه، لكنْ في «البَزَّازية» يَنبَغي أنْ يُشتَرطَ عِلمُ القاضي بعَزلِه، وللقاضي عَزلُه أيضًا، وعلى هذا يَنبَغي التَّفصيلُ بأنْ يُقالَ: إنَّ وَصيَّ المَيتِ لا أجرَ له إلا إذا كانَ مُحتاجًا، فله الأَكلُ من مالِ اليَتيمِ بقَدرِ عَملِه، وللقاضي أنْ يَفرضَ له ذلك لكنْ للمُستقبلِ، لا لمَا مَضى؛ لشُروعِه فيه مُتبرعًا، وأمَّا وَصيُّ القاضي فإنْ كانَ مُحتاجًا فكذلك، وإلا فإنْ نصَّبَه القاضي وجعَلَ له أُجرةَ المِثلِ جازَ، وكذا إذا امتنَعَ بعدَ التَّنصيبِ عن العَملِ حتى يُجعلَ له أُجرةٌ؛ لأنَّ وِصايتَه غيرُ لازِمةٍ؛ لأنَّ له أنْ يَعزلَ نَفسَه كما علِمتَ فله أنْ يَمتنعَ عن المُضيِّ في العَملِ إلا بأجرٍ.
وفي «القُنية»: الوَصيُّ إذا نصَّبَه القاضي وعيَّنَ له أجرًا بقَدرِ أجرِ المِثلِ جازَ، وأمَّا وَصيُّ المَيتِ فلا أجرَ له على الصَّحيحِ.
فقَولُه «على الصَّحيحِ» إمَّا مَبنيٌّ على تَصحيحِ ما هو القياسُ كما قدَّمنا، أو على الاستِحسانِ، وأنَّ المُرادَ لا أجرَ له إذا كانَ غيرَ مُحتاجٍ، وعلى كلٍّ فلا يُخالفُ ما تقدَّمَ عن «الخانية» كما مَرَّ هذا، وقد صحَّحَ في «الخانيةِ» أنَّ الوَصيَّ لو آجَرَ نَفسَه من اليَتيمِ لم يَصحَّ، وفيها أيضًا: قال: لك أجرُ مِئةٍ على