للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَوائجِ اليَتيمِ، وقالَ بعضُهم: لا يَجوزُ، وهو القياسُ، وفي الاستِحسانِ: يَجوزُ أنْ يَأكلَ بالمَعروفِ إذا كانَ مُحتاجًا بقَدرِ ما سَعَى».

ونَحوُه في «البَزَّازية» وهذا صَريحٌ في أنَّ الاستِحسانَ أنَّ له قَدرَ أجرِ مِثلِ عَملِه لو كانَ مُحتاجًا، وظاهِرُه أنَّ له ذلك وإنْ لم يَفرِضْ له القاضي أُجرةً لكنْ في «جامِعِ الفُصولين» عن «شَرح الطَّحاويِّ» ولا يَأكلُ الوَصيُّ ولو مُحتاجًا، إلا إذا كانَ له أُجرةٌ فيَأكلُ قَدرَ أُجرتِه.

والظاهِرُ أنَّ هذا مَبنيٌّ على القِياسِ من أنَّه ليسَ له الأكلُ، قالَ في «أَدب الأَوصياء»: والقِياسُ ألَّا يَأكلَ؛ لعُمومِ قَولِه تَعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ … ﴾ الآيةَ، قالَ الفَقيهُ: ولعلَّ قَولَه تَعالى: ﴿وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا﴾ [النساء: ٦] نُسخَ بهذه الآيةِ، قُلتُ: فكأنَّه يَميلُ إلى اختِيارِ الثاني، وهو قَولُ الإِمامِ، قالَ في «القُنية» قالَ أَبو ذَرٍّ: وهو الصَّحيحُ؛ لأنَّه شرَعَ في الوِصايةِ مُتبرعًا فلا يُوجبُ ضَمانًا.

قالَ الإِسبيجابيُّ في شَرحِه: إلا إذا كانَ له أجرٌ مَعلومٌ فيَأكلُ بقَدرِه.

فقد ظهَرَ بهذا أنَّ الاستِحسانَ هو أنَّ له الأكلَ لو كانَ مُحتاجًا ولو لم يُفرَضْ له أجرٌ، وأنَّ القياسَ ألَّا يَأكلَ مُطلَقًا إلا إذا فُرضَ له أجرٌ على ما قالَه الإِسبيجابيُّ في «شَرح الطَّحاوي»، وأنَّ القِياسَ هو قَولُ الإِمامِ، وصحَّحَه أَبو ذَرٍّ ومالَ إليه الفَقيهُ، وقد أفتَى بذلك الخَيرُ الرَّمليُّ حيثُ سُئلَ في رَجلٍ أقامَه القاضي وَصيًّا على يَتيمٍ ولم يَفرضْ له إذ ذاك نَفقةً ثم فرَضَ له أجرًا في مُقابلةِ عَملِه فتَناولَه عن المُدةِ الماضيةِ الخاليةِ عن الفَرضِ، هل له ذلك أو

<<  <  ج: ص:  >  >>