للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العَملِ، وهو لا يُنافي الوُجوبَ، لكنْ قالَ الطَّحاويُّ: وفيه تَأمُّلٌ؛ إذْ بعدَ القَبولِ لا يُقالُ: إنَّه مُتبرعٌ.

والحاصِلُ أنَّ وَصيَّ المَيتِ لا أجرَ له إلا إذا كانَ مُحتاجًا فله الأكلُ من مالِ اليَتيمِ بقَدرِ عَملِه، وللقاضي أنْ يَفرضَ له ذلك لكنْ للمُستقبَلِ لا لما مَضى لشُروعِه فيه مُتبرِّعًا.

وأمَّا وَصيُّ القاضي، فإنْ كانَ مُحتاجًا فكذلك، وإلا فإنْ نَصَّبه القاضي وجعَلَ له أُجرةَ المِثلِ جازَ، وكذا إذا امتنَعَ بعدَ النَّصبِ عن العَملِ حتى يَجعلَ له أُجرةً؛ لأنَّ وِصايتَه غيرُ لازِمةٍ؛ لأنَّ له أنْ يَعزلَ نَفسَه فله أنْ يَمتنعَ عن المُضيِّ في العَملِ إلا بأجرٍ (١).

وجاءَ في «تَنقيح الفَتاوى الحامِدية» لابنِ عابدِين: (سُئلَ) في الوَصيِّ المُختارِ إذا عمِلَ في تَركةِ المُوصي أَعمالًا شتَّى ولم يَكُنِ المُوصي جعَلَ له شَيئًا، فهل له أجرُ مِثلِ عَملِه؟ (الجَوابُ): نَعَمْ، له أجرُ مِثلِ عَملِه استِحسانًا لو كانَ مُحتاجًا كما في «الخانية» و «البَزَّازية»، وهو المَأخوذُ به كما في «الخَيرية» و «حَواشي الأشباه» للحَمَويِّ.

(أَقولُ) تَقييدُه بقَولِه: «لو كان مُحتاجًا» مُوافقٌ لمَا في الآيةِ الشَّريفةِ ﴿وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [النساء: ٦]، ونَصُّ عِبارةِ «الخانية» هكذا: «وعن نُصَيرٍ: للوَصيِّ أنْ يأكلَ من مالِ اليَتيمِ ويَركبَ دَوابَّه إذا ذهَبَ في


(١) «حاشية ابن عابدين» (٨/ ٣٧٢، ٣٧٣)، و «غمز عيون البصائر» (٣/ ١٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>