للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الحَنفيةُ: الوَصيُّ إنَّما يَستحِقُّ الأجرَ إذا كانَ وَصيَّ القاضي وقد نَصَّبَه بأجرٍ، وأمَّا وَصيُّ المَيتِ فلا يَستحِقُّ، فإذا أَوصَى إلى رَجلٍ فاستأجَرَه بمِئةِ دِرهمٍ ليُنفِذَ وَصاياه فالاستِئجارُ باطِلٌ، والمِئةُ وَصيةٌ من الثُّلثِ؛ لأنَّه بقَبولِ الوَصيةِ صارَ العَملُ واجِبًا عليه، والاستِئجارُ على هذا لا يَجوزُ.

قالَ الإِمامُ ابنُ عابدِين : قَولُه (العامِلُ لغيرِه أَمانةً لا أجرَ له إلا الوَصيَّ) أي: وَصيَّ القاضي وقد نصَّبَه بأجرٍ، وأمَّا وَصيُّ المَيتِ فلا يَستحِقُّ الأجرَ كما في «الأَشباهِ» من فَنِّ الجَمعِ والفَرقِ في الكَلامِ على أجرِ المِثلِ نَقلًا عن «القُنية».

وقد علَّل الوَلوالَجيُّ عَدمَ صِحةِ الأجرِ له ولو جعَلَه المُتوفَّى له ليُنفِذَ له وَصاياه بأنَّه بقَبولِ الوَصيةِ صارَ العَملُ واجِبًا عليه، والاستِئجارُ على هذا لا يَجوزُ. انتَهى.

قالَ العَلَّامةُ الخَيرُ الرَّمليُّ: ولا يَخفى أنَّ وَصيَّ المَيتِ إذا امتنَعَ عن القيامِ بالوَصيةِ إلا بأجرٍ في مُقابلةِ عَملِه لا يُجبَرُ على العَملِ؛ لأنَّه مُتبرعٌ ولا جَبْرَ على المُتبرعِ، وإذا رأى القاضي أنْ يَعملَ له أُجرةً على عَملِه وكانَت أُجرةَ المِثلِ فما المانِعُ قياسًا واستِحسانًا؟ وهي واقِعةُ الفَتوى، وقد أفتَيتُ به مِرارًا، ولا يُنافيه ما في الوَلوالجيةِ كما هو ظاهِرٌ؛ لأنَّ المَوضوعَ مُختلِفٌ كما يَظهرُ بأدنى تَأمُّلٍ. اه.

أَقولُ: إنَّما كانَ المَوضوعُ مُختلِفًا لأنَّ مَوضوعَ مَسألةِ الوَلوالَجيِّ في وُجوبِ العَملِ بقَبولِ الوَصيةِ، ولأنَّ مَوضوعَ ما ذكَرَه في عَدمِ الجَبرِ على

<<  <  ج: ص:  >  >>