للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الماوَرديُّ: لو جُعلَ الصَّبيُّ وَصيًّا بعدَ بُلوغِه، فهذا على ضَربَينِ:

أَحدُهما: أنْ يَكونَ لها في الحالِ قابِلٌ لها.

والثاني: ألَّا يَكونَ.

فإنْ لم يَكنْ في الحالِ مَنْ يَقبلُها، بل قالَ: «قد أَوصَيت إلى هذا الصَّبيِّ إذا بلَغَ»، فالوَصيةُ إليه باطِلةٌ في الحالِ وبعدَ بُلوغِه؛ لأنَّه ليسَ في الحالِ بأهلٍ لو ماتَ الصَّبيُّ قامَ بها، فلذلك بطَلَت.

فإنْ كانَ لها في الحالِ مَنْ يَقبلُها، مِثلَ أنْ يَقولَ: قد أَوصَيت إلى فُلانٍ حتى يَبلغَ وَلدي، فإذا بلَغَ فهو وَصيٌّ: جازَ، ولا يَجوزُ مِثلُ ذلك في الوَكالةِ.

والفَرقُ بينَهما: أنَّ عَقدَ الوَكالةِ مُعجَّلٌ، فلم يَصحَّ بحُدوثِ شَرطٍ مُؤجَّلٍ، وعَقدُ الوَصيةِ مُؤجَّلٌ فجازَ أنْ يَصحَّ بحُدوثِ شَرطٍ مُؤجَّلٍ (١).

وقالَ البُهوتيُّ: وتَصحُّ وَصيةُ المُنتظَرِ -أي: الذي تُنتظَرُ أهليَّتُه- بأنْ يَجعلَه وَصيًّا بعدَ بُلوغِه أو بعدَ حُضورِه من غَيبتِه ونَحوِها، نَحوَ أنْ يَقولَ: «هو وَصيٌّ إذا أَفاقَ من جُنونِه أو زالَ فِسقُه أو سَفهُه أو أسلَمَ» ونَحوَه، وكذا إنْ قالَ: «وَصَّيت إلى فُلانٍ، فإنْ ماتَ فُلانٌ ففُلانٌ وَصيِّي»، أو قالَ: «هو وَصيِّي سَنةً ثم فُلانٌ بعدَها» أي: بعدَ السَّنةِ، فإذا قالَ: «أَوصَيت إليكَ فإذا بلَغَ ابني فهو وَصيِّي»، صَحَّ ذلك، فإذا بلَغَ ابنُه صارَ وَصيَّه، ومِثلُه في الصِّحةِ إذا قالَ: «أَوصَيت إليكَ فإذا تابَ ابني من فِسقِه أو صَحَّ من مَرضِه أو اشتغَلَ


(١) «الحاوي الكبير» (٨/ ٣٢٨، ٣٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>