للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمَّا إنْ كانَ الكافِرُ رَشيدًا عَدلًا في دِينِه فاختَلفَ الفُقهاءُ فيه.

فذهَبَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ في الأصَحِّ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ الكافِرَ ولو حَربيًّا عندَ الشافِعيةِ والحَنابِلةِ إذا كانَ عَدلًا في دِينِه يَصحُّ أنْ يَكونَ وَصيًّا على كافِرٍ، أي: فيما يَتعلَّقُ بأَولادِه الكُفارِ؛ لأنَّه يَجوزُ أنْ يَكونَ وَليًّا للكافِرِ، فجازَ أنْ يَكونَ وَصيًّا له.

وفي مُقابلِ الأصَحِّ عندَ الشافِعيةِ والحَنابِلةِ في قَولٍ: لا تَصحُّ وَصيةُ الكافِرِ إلى الكافِرِ كما لا يَكونُ شاهِدًا له، ولأنَّه فاسِقٌ لم تَصحَّ الوَصيةُ إليه كفاسِقِ المُسلِمينَ.

وقالَ الشافِعيةُ في الصَّحيحِ عندَهم: تَصحُّ وَصيةُ النَّصرانيِّ إلى اليَهوديِّ ووَصيةُ اليَهوديِّ للنَّصرانِيِّ (١).

وأمَّا المالِكيةُ فقالَ القَرافيُّ: قالَ ابنُ يُونسَ: تَجوزُ وَصيةُ الذِّميِّ للذِّميِّ مِثلِه، قالَ مُحمدٌ: ولا يُوصي ذِميٌّ لحَربيٍّ ولو كانَ مُستأمَنًا، قالَه أشهَبُ، ولو أَوصَى الحَربيُّ للمُستأمَنِ جازَ؛ لأنَّه أفضَلُ منه، وتَجوزُ وَصيةُ الحَربيِّ والذِّميِّ للمُسلمِ (٢).


(١) «البيان» (٨/ ٣٠٣، ٣٠٤)، و «الحاوي الكبير» (٨/ ٣٣٠)، و «كنز الراغبين» (٣/ ٤٧٣)، و «النجم الوهاج» (٦/ ٣٢٦، ٣٢٧)، و «مغني المحتاج» (٤/ ١٢٣)، و «تحفة المحتاج» (٨/ ٢٧٥)، و «الديباج» (٣/ ١٠٠)، و «المغني» (٦/ ١٤٤)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٥٩٦)، و «كشاف القناع» (٤/ ٤٧٩)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٥٢٠)، و «منار السبيل» (٢/ ٣٨٩).
(٢) «الذخيرة» (٧/ ١٥٨، ١٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>