للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السُّكنَى في المِلكِ المُلاصِقِ لمِلكِ المُوصي، فإذا وُجدَ ذلك صارَ كأنَّه جارٌ له فيَستحِقُّ الوَصيةَ (١).

وذهَبَ الصاحِبانِ من الحَنفيةِ أَبو يُوسفَ ومُحمدٌ إلى أنَّه إذا أَوصَى لجِيرانِه فهُم المُلاصِقونَ ممَّن يَملِكُ الدُّورَ وغيرُهم ممَّن لا يَملِكُها، ولمَن يَجمعُه مَسجدُ تلك المَحلةِ التي فيها المُوصي من المُلاصِقينَ وغيرِهم من السُّكانِ ممَّن في تلك المَحلةِ وغيرِهم سَواءٌ في الوَصيةِ؛ لأنَّ هؤلاء يُسمَّونَ جِيرانًا، فالأَقرَبونَ والأبعَدونَ والكافِرُ والمُسلمُ والصَّبيُّ والمَرأةُ في ذلك سَواءٌ.

وَجهُ قَولِهما أنَّ اسمَ الجارِ كما يَقعُ على المُلاصقِ يَقعُ على المُقابلِ وغيرِه ممَّن يَجمعُهما مَسجدٌ واحِدٌ؛ فإنَّ كلَّ واحِدٍ منهما يُسمَّى جارًا.

ولأنَّ مَقصودَ المُوصي من الوَصيةِ للجارِ هو البِرُّ به والإِحسانُ إليه، وأنَّه لا يَختَصُّ بالمُلاصِقِ.

قالَ أَبو جَعفرٍ الطَّحاويُّ: تَوقيتُ دُورٍ بعَينِها لا مَعنى له؛ لأنَّ التَّوقيتَ في مِثلِه لا يَثبُتُ إلا بالتَّوقيفِ.

وقَولُ مَنْ اعتبَرَ الجارَ هو المُلاصقَ فاسِدٌ أيضًا؛ لأنَّه رُويَ عن عائِشةَ أنَّها قالَت: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ لي جارَينِ، فإلى أيِّهما أُهدي؟ قالَ: «أقرَبِهما


(١) «بدائع الصنائع» (٧/ ٣٥١)، و «مختصر اختلاف العُلماء» (٥/ ٥٠، ٥١)، و «الهداية» (٤/ ٢٤٩، ٢٥٠)، و «الاختيار» (٥/ ٩٣، ٩٤)، و «العناية» (١٦/ ١٦٢، ١٦٣)، و «الجوهرة النيرة» (٦/ ٤٠٨، ٤٠٩)، و «اللباب» (٢/ ٦٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>