للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

برَدِّه (١)، ولم يُرتِّبْ على ذلك حُكمَ آكِلِ الرِّبا، من التَّفسيقِ، واللَّعنِ، والتَّغليظِ لعَدمِ عِلمِه بالتَّحريمِ.

وكذلك عَديُّ بنُ حاتِمٍ وجَماعةٌ من الصَّحابةِ لمَّا اعتَقَدوا أنَّ قَولَه تَعالى: ﴿حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ﴾ [البقرة: ١٨٧] مَعناه: الحِبالُ البِيضُ والسُّودُ، فكانَ أحدُهم يَجعلُ عندَ وِسادَتِه عِقالَينِ أبيَضَ وأسوَدَ، ويَأكُلُ حتى يَتبيَّنَ أحدُهما من الآخَرِ، فقالَ النَّبيُّ لعَديٍّ: «إنَّ وِسادَكَ إذًا لعَريضٌ إنَّما هو بَياضُ النَّهارِ وسَوادُ اللَّيلِ» (٢).

فأشارَ إلى عَدمِ فِقهِه لمَعنى الكَلامِ، ولم يُرتِّبْ على هذا الفِعلِ ذَمَّ مَنْ أفطَرَ في رَمضانَ، وإنْ كانَ مِنْ أعظَمِ الكَبائرِ.

بخِلافِ الذين أفتَوْا المَشجوجَ في البَردِ بوُجوبِ الغُسلِ، فاغتسَلَ فماتَ، فإنَّه قالَ: «قَتَلوه قتَلَهم اللهُ، هلَّا سألوا إذا لم يَعلَموا؟ إنَّما شِفاءُ العِيِّ السُّؤالُ» (٣).


(١) رواه البخاري: كتابُ الوَكالةِ بابُ إذا باعَ الوَكيلُ شيئًا فاسدًا فبَيعُه مَردودٌ (٢/ ٨١٣) (الحديث: ٢١٨٨)، مسلم: كتابُ المساقاةِ بابُ بَيعِ الطَّعامِ مِثلًا بمِثلٍ (٣/ ١٢١٥) (الحديث: ١٥٩٤) عن أَبي سَعيدٍ الخُدريِّ قالَ: جاءَ بِلالٌ بتَمرٍ بَرنِيٍّ فقالَ له رَسولُ اللهِ : «مِنْ أينَ هذا؟» فقالَ بِلالٌ: تَمرٌ كانَ عندَنا رَديءٌ فبِعتُ منه صاعَينِ بصاعٍ لمَطعمِ النَّبيِّ فقالَ رَسولُ اللهِ عندَ ذلك: «أَوَّه، عَينُ الرِّبا، لا تَفعَلْ، ولكنْ إذا أرَدتَ أنْ تَشتريَ التَّمرَ فبِعْه ببَيعٍ آخَرَ ثم اشتَرِ به».
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تقدم.
(٣) حَدِيثٌ حسنٌ: وسيَأتي تَخريجُه إنْ شاءَ اللهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>