وفي الصَّحيحَينِ: عن عَمرِو بنِ العاصِ ﵁: أنَّ النَّبيَّ ﷺ قالَ: «إذا اجتهَدَ الحاكِمُ فأَصابَ فله أَجرانِ وإذا اجتهَدَ فأخطَأَ فله أجرٌ».
فتَبيَّنَ أنَّ المُجتهدَ، مع خَطئِه، له أجرٌ، وذلك لأَجلِ اجتِهادِه، وخَطؤُه مَغفورٌ له، لأنَّ إِدراكَ الصَّوابِ في جَميعِ أَعيانِ الأَحكامِ إمَّا مُتعذَّرٌ، وإمَّا مُتعسِّرٌ.
وفي الصَّحيحَينِ: عن النَّبيِّ ﷺ: «أنَّه قالَ لأَصحابِه عامَ الخَندقِ: «لا يُصلِّيَنَّ أحدٌ العَصرَ إلا في بَني قُرَيظةَ»، فأدرَكَتهم صَلاةُ العَصرِ في الطَّريقِ فقالَ بعضُهم: لا نُصلِّي إلا في بَني قُرَيظةَ، وقالَ بعضُهم: لم يُرِدْ منَّا هذا؛ فصَلَّوْا في الطَّريقِ. فلم يَعِبْ واحِدةً من الطائِفتَينِ» (١).
فالأوَّلونَ: تَمسَّكوا بعُمومِ الخِطابِ، فجَعَلوا صُورةَ الفَواتِ داخِلةً في العُمومِ.
والآخَرونَ: كانَ معهم من الدَّليلِ ما يُوجِبُ خُروجَ هذه الصُّورةِ عن العُمومِ، فإنَّ المَقصودَ: المُبادرةُ إلى القَومِ.
وهي مَسألةٌ اختَلفَ فيها الفُقهاءُ اختِلافًا مَشهورًا: هل يُخصُّ العُمومُ بالقياسِ؟ ومع هذا فالذين صَلَّوْا في الطَّريقِ كانوا أصوَبَ فِعلًا. وكذلك بِلالٌ ﵁ لمَّا باعَ الصاعَينِ من التَّمرِ بالصاعِ، أمَرَه النَّبيُّ ﷺ