للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنَّ هؤلاء أَخطؤُوا بغيرِ اجتِهادٍ، إذْ لم يَكونوا من أهلِ العِلمِ.

وكذلك لم يُوجِبْ على أُسامةَ بنِ زَيدٍ قَوَدًا ولا دِيةً، ولا كَفارةً، لمَّا قتَلَ الذي قالَ: «لا إلهَ إلا اللهُ»، في غَزوةِ الحُرَقاتِ (١) (٢).

فإنَّه كانَ مُعتقِدًا جَوازَ قَتلِه، بِناءً على أنَّ هذا الإِسلامَ ليسَ بصَحيحٍ، مع أنَّ قَتلَه حَرامٌ.

وعمِلَ بذلك السَّلفُ، وجُمهورُ الفُقهاءِ، في أنَّ ما استَباحَه أهلُ البَغيِ من دِماءِ أهلِ العَدلِ بتَأويلٍ سائِغٍ، لم يُضمَنْ بقَوَدٍ ولا دِيةٍ ولا كَفارةٍ، وإنْ كانَ قَتلُهم وقِتالُهم مُحرمًا.

وهذا الشَّرطُ الذي ذكَرناه في لُحوقِ الوَعيدِ، لا يَحتاجُ أنْ يُذكَرَ في كلِّ خِطابٍ، لاستِقرارِ العِلمِ به في القُلوبِ.


(١) مسلم: كتابُ الإيمانِ بابُ تَحريمِ قَتلِ الكافرِ بعدَ أنْ قالَ لا إلهَ إلا. (١/ ٩٦) (الحديث: ٩٦)، البخاري (٤/ ١٥٥٥) (الحديث: ٤٠٢١).
(٢) روى البخاري (٤/ ١٥٥٥) (الحديث: ٤٠٢١) ومسلم: كتابُ الإيمانِ بابُ تَحريمِ قَتلِ الكافرِ بعدَ أنْ قالَ: لا إلهَ إلا. (١/ ٩٦) (الحديث: ٩٦) عن أُسامةَ بنِ زَيدٍ وهذا حَديثُ ابنِ أبي شَيبةَ قالَ بعثَنا رَسولُ اللهِ في سَريةٍ فصَبَّحنا الحُرَقاتِ من جُهَينةَ فأدرَكتُ رَجلًا فقالَ: لا إلهَ إلا اللهُ، فطَعنتُه فوقَعَ في نَفسي من ذلك فذكَرتُه للنَّبيِّ فقالَ رَسولُ اللهِ : «أقالَ لا إلهَ إلا اللهُ وقتَلتَه؟» قالَ: قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّما قالَها خَوفًا من السِّلاحِ، قالَ: «أفلا شَقَقتَ عن قَلبِه حتى تَعلمَ أقالَها أم لا؟» فما زالَ يُكرِّرُها عليَّ حتى تَمنَّيتُ أني أسلَمتُ يَومَئذٍ، قالَ: فقالَ سَعدٌ: وأنا واللهِ لا أقتُلُ مُسلِمًا حتى يَقتلَه ذو البَطينِ، يَعني أُسامةَ، قالَ: قالَ رَجلٌ: ألم يَقُلِ اللهُ ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ﴾ فقالَ سَعدٌ: قد قاتَلنا حتى لا تَكونَ فِتنةٌ، وأنتَ وأَصحابُك تُريدونَ أنْ تُقاتِلوا حتى تَكونَ فِتنةٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>