للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإِمامُ الطَّحاويُّ: قالَ مُحمدُ بنُ الحَسنِ في كِتابِ الحَجرِ: ولم يُحكَ خِلافٌ عن أحدٍ من أَصحابِ القياسِ في وَصايا الغُلامِ الذي قد بلَغَ وهو مُفسدٌ غيرُ مُصلِحٍ من التَّدبيرِ وغيرِه أنَّه باطِلٌ، ولكنَّا نَستحسِنُ في وَصاياه إذا وافَقَ فيها الحَقَّ ولم يأتِ سَرفًا يَستحقُّه المُسلِمونَ أنْ يَجوزَ من ثُلثِه كما تَجوزُ وَصيةُ غيرِه … قالَ أَبو جَعفرٍ: إنَّما مُنعَ المَحجورُ عليه للفَسادِ في مالِه احتِياطًا له، فإذا صارَ في حالِ المَوتِ استَغنَى عن ذلك فكانَ بمَنزلةِ مَنْ ليسَ بمَحجورٍ عليه، ألَا تَرى أنَّه يُحدُّ في القَذفِ ويَجوزُ طَلاقُه وهو مُفارقةٌ للصَّبيِّ من هذا الوَجهِ (١).

وقالَ الخَطيبُ الشِّربينيُّ : وكذا مَحجورٌ عليه بسَفهٍ تَصحُّ وَصيتُه على المَذهبِ لصِحةِ عِبارتِه، ونقَلَ فيه ابنُ عبدِ البَرِّ والأُستاذُ أَبو مَنصورٍ وغيرُهما الإِجماعَ (٢).

وقالَ ابنُ قُدامةَ: فأمَّا المَحجورُ عليه لسَفهٍ؛ فإنَّ وَصيتَه تَصحُّ في قياسِ قَولِ أَحمدَ، قالَ الخَبْريُّ: وهو قَولُ الأكَثرينَ.

وقالَ أَبو الخَطابِ في وَصيتِه وَجهانِ، ولنا: أنَّه عاقِلٌ تَصحُّ وَصيتُه كالصَّبيِّ العاقِلِ، ولأنَّ وَصيتَه تمحَّضَت نَفعًا له من غيرِ ضَررٍ فصَحَّت كعِباداتِه (٣).


(١) «مختصر اختلاف العُلماء» (٥/ ٢١).
(٢) «مغني المحتاج» (٤/ ٦٥)، ويُنظَر: «روضة الطالبين» (٤/ ٣٦٤)، و «النجم الوهاج» (٦/ ٢١٦)، و «تحفة المحتاج» (٨/ ١١٥).
(٣) «المغني» (٦/ ١٢٠)، و «الإنصاف» (٧/ ١٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>