للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُخرجَ جَميعَ مالِه مع رِفقِها به وانفِرادِها بالعَناءِ معه، فندَبَه عُمرُ إلى أنْ يُوصيَ لها، وأعلَمَه أنَّ ذلك مُباحٌ له وسائِغٌ في الشَّرعِ، وإنْ كانَ لم يَبلُغِ الحُلمَ، وبهذا قالَ مالِكٌ واللَّيثُ، وأجمَعَ عليه عُلماءُ المَدينةِ بأنَّ وَصيةَ من يُميزُ ويَفهمُ ما يُوصَى به من السَّفيهِ والصَّغيرِ جائِزةٌ.

وقالَ أَبو حَنيفةَ والشافِعيُّ: تَجوزُ وَصيةُ السَّفيهِ ولا تَجوزُ وَصيةُ مَنْ لم يَحتلِمْ، والدَّليلُ على ما نَقولُه أنَّ الصِّغرَ حَجرٌ، فلا يَمنعُ صِحةَ الوَصيةِ مع التَّمييزِ كالسَّفهِ (١).

وقالَ الإِمامُ أَبو عُمرَ بنُ عبدِ البَرِّ : أمَّا وَصيةُ الصَّغيرِ إذا كانَ يَعقلُ ما أَوصَى به ولم يأتِ بمُنكرٍ من القَولِ والفِعلِ فوَصيتُه جائِزةٌ ماضيةٌ عندَ مالِكٍ واللَّيثِ وأَصحابِهما، ولا حَدَّ عندَهم في صِغرِه عَشرَ سِنينَ ولا غيرِها إذا كانَ ممَّن يَفهمُ ما يأتِي به في ذلك وأَصابَ وَجهَ الوَصيةِ.

وقالَ عُبيدُ اللهِ بنُ الحَسنِ: إذا أَوصَى في وَسطِ ما يَحتلِمُ له الغِلمانُ جازَت وَصيتُه.

وقالَ أَبو حَنيفةَ وأَصحابُه: لا تَجوزُ وَصيةُ الصَّبيِّ.

وقالَ المُزنِيُّ: هو قِياسُ قَولِ الشافِعيِّ، ولم أجِدْ للشافِعيِّ في ذلك شَيئًا ذكَرَه ونَصَّ عليه، واختَلفَ أَصحابُه على قَولَينِ: أحدُهما كقَولِ مالِكٍ والثاني كقَولِ أَبي حَنيفةَ، وحُجتُهم أنَّه لا يَجوزُ طَلاقُه ولا عِتقُه


(١) «المنتقى» (٦/ ١٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>