للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبو بَكرٍ: وكانَ الغُلامُ ابنَ عَشرِ سِنينَ أو اثنَتَيْ عَشرةَ سَنةً، قالَ: فأَوصَى ببِئرِ جُشَمَ فباعَها أهلُها بثَلاثينَ ألفَ دِرهمٍ (١).

قالَ الإِمامُ مالِكٌ: الأمرُ عندَنا أنَّ الضَّعيفَ في عَقلِه والسَّفيهَ (المُبذِّرَ للمالِ) والمُصابَ المَجنونَ (الذي يُفيقُ أَحيانًا تَجوزُ وَصاياهم إذا كانَ معهم مِنْ عُقولِهم ما) أي: تَمييزٌ (يَعرِفونَ ما يُوصونَ به، فأمَّا مَنْ ليسَ معه من عَقلِه ما يَعرفُ بذلك ما يُوصي به، وكانَ مَغلوبًا على عَقلِه فلا وَصيةَ له) صَحيحةً، وحاصِلُه أنَّ المَدارَ على التَّمييزِ (٢).

قالَ الباجيُّ: قَولُه: أخبَرَه أنَّه قيلَ لعُمرَ: إنَّه بالمَدينةِ ووارِثُه بالشامِ وليسَ له بالمَدينةِ إلا بِنتُ عَمٍّ يُريدُ: أنَّها انفَرَدت بالقيامِ بأمرِه والرِّفقِ به، وإنْ كانَ وارِثُه الذي يُمكنُ أنْ يَنفرِدَ بذلك أو يُشاركَها فيه بالشامِ، ولعلَّه قد قصَدَ بذلك إلى بِنتِ عَمِّه هذه مع انفِرادِها بالقيامِ بأمرِه والتَّعبِ معه والتَّمريضِ له لا يَعودُ إليها شَيءٌ من مالِه، ولعلَّ الغُلامَ قد أشفَقَ من أنْ


(١) «الموطأ» (٢/ ٧٦٢)، وقالَ ابنُ المُلقِّنِ في «البَدر المُنير» (٧/ ٢٨٥) قالَ البَيهَقي: والشافِعُّي علَّقَ جَوازَ وَصيتِه وتَدبيرِه بثُبوتِ الخَبَرِ فيها عن عُمرَ، والخَبَرُ مُنقطِعٌ؛ فعَمرو بنُ سُلَيمٍ الزُّرَقيُّ لم يُدرِكْ عُمرَ، إلا أنَّه ذكَرَ في الخَبَرِ انتِسابَه إلى صاحِبِ القِصةِ. قُلتُ: في الثِّقاتِ لابنِ حِبانَ: قيلَ: إنَّه كانَ يَومَ قُتلَ عُمرُ بنُ الخَطابِ قد جاوَزَ الحُلمَ. وقالَ أَبو نَصرٍ الكَلاباذيُّ عن الواقِديِّ: إنَّه كانَ قد راهَقَ الاحتِلامَ يَومَ ماتَ عُمرُ. وجزَمَ ابنُ الحَذَّاءِ بأنَّه رَوى عنه. فائِدةٌ: أُمُّ عَمرٍو صاحِبةُ القِصةِ صَحابيةٌ، كما نَصَّ عليه أَبو عُمرَ. ويُنظَر: «تَلخيص التَّحبير» (٣/ ٩٥).
(٢) «شرح الموطأ» للزرقاني (٤/ ٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>