للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضَررَ فيها، فلَأنْ يَكونا لا يَصحُّ بَذلُهما المالَ يَتضرَّرُ به وارِثُهما أوْلى، ولأنَّها تَصرفٌ يَفتقِرُ إلى إِيجابٍ وقَبولٍ فلا يَصحُّ منهما كالبَيعِ والهِبةِ (١).

أمَّا الصَّبيُّ المُميِّزُ فقد اختَلفَ الفُقهاءُ في وَصيتِه هل تَصحُّ أو لا؟

فذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيةُ في قَولٍ (٢) والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه لا يُشتَرطُ البُلوغُ لصِحةِ الوَصيةِ، فتَصحُّ وَصيةُ الصَّبيِّ المُميِّزِ، واستدَلُّوا على ذلك بما رَواه الإِمامُ مالِكٌ في مُوطَّئِه: بابُ جَوازِ وَصيةِ الصَّغيرِ والضَّعيفِ والمُصابِ والسَّفيهِ: حدَّثَني مالِكٌ عن عبدِ اللهِ بنِ أَبي بَكرِ بنِ حَزمٍ عن أَبيه أنَّ عَمرَو بنَ سُلَيمٍ الزُّرَقيَّ أخبَرَه أنَّه قيلَ لعُمرَ بنِ الخَطابِ: إنَّ ههنا غُلامًا يَفاعًا لم يَحتلِمْ من غَسانَ ووارِثُه بالشامِ، وهو ذو مالٍ وليسَ له ههنا إلا ابنةُ عَمٍّ له، قالَ عُمرُ بنُ الخَطابِ: فليُوصِ لها. قالَ: فأَوصَى لها بمالٍ يُقالُ له: بِئرُ جُشَمَ، قالَ عَمرُو بنُ سُلَيمٍ: فبِيعَ ذلك المالُ بثَلاثينَ ألفَ دِرهمٍ. وابنةُ عَمِّه التي أَوصَى لها هي أُمُّ عَمرِو بنِ سُلَيمٍ الزُّرَقيِّ.

وحدَّثَني مالِكٌ عن يَحيَى بنِ سَعيدٍ عن أَبي بَكرِ بنِ حَزمٍ أنَّ غُلامًا من غَسانَ حضَرَته الوَفاةُ بالمَدينةِ ووارِثُه بالشامِ، فذُكرَ ذلك لعُمرَ بنِ الخَطابِ فقيلَ له: إنَّ فُلانًا يَموتُ أفيُوصي؟ قالَ: فليُوصِ. قالَ يَحيَى بنُ سَعيدٍ: قالَ


(١) «المغني» (٦/ ١٢٠).
(٢) «روضة الطالبين» (٤/ ٣٦٤)، و «النجم الوهاج» (٦/ ٢١٧، ٢١٨)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٦٥)، و «تحفة المحتاج» (٨/ ١١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>