للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو قالَ: «إنْ مِتَّ -بفَتحِ التاءِ- فأنتَ بَريءٌ»، لا تَصحُّ؛ لأنَّه تَعليقٌ بخَطرٍ، والمُرادُ بالخَطرِ هنا التَّعليقُ على مَعدومٍ مُترقَّبِ الوُقوعِ، وإنْ كانَ لا بُدَّ من وُقوعِه كالمَوتِ ومَجيءِ الغَدِ، واحتُرزَ به عما لو علَّقَ الإِبراءَ بشَرطٍ كائِنٍ، كقَولِه لمَدينِه: «إنْ كانَ لي عليكَ دَينٌ فقد أبرَأتُك عنه» فإنَّه يَصحُّ (١).

وقالَ المالِكيةُ: يَصحُّ تَعليقُ الوَصيةِ على شَرطٍ، فإذا قالَ المُوصي في صيغةِ وَصيتِه: «إنْ مِتُّ من مَرضي هذا أو مِتُّ من سَفري هذا فلفُلانٍ كذا»، ولم يَمُت من مَرضِه أو من سَفرِه بأنْ صَحَّ من مَرضِه أو قدِمَ من سَفرِه؛ فإنَّ الوَصيةَ تَبطلُ؛ لأنَّه علَّقَ الوَصيةَ بالمَوتِ فيهما، وهو لم يَمُتْ.

ومَحلُّ البُطلانِ إنْ لم يَكتُبْها في كِتابٍ أو كتَبَها فيه ولم يُخرِجْه من يَدِه، أو أخرَجَه إلا أنَّه استرَدَّه بعدَ رُجوعِه من سَفرِه أو بعدَ صِحتِه من مَرضِه.

وكذا لو كانَت في كِتابٍ ولم يُخرِجْه من يَدِه وماتَ من غيرِ ذلك المَرضِ أو ذلك السَّفرِ؛ فإنَّها أيضًا تَبطلُ.

أمَّا إنْ كتَبَها في كِتابٍ وأخرَجَه من يَدِه ولم يَستردَّه ممَّن أعطاه له حتى ماتَ؛ فإنَّ الوَصيةَ لا تَبطلُ.

وإذا قالَ: «متى حدَثَ لي المَوتُ أو إذا مِتُّ أو متى مِتُّ فلفُلانٍ في مالي كذا» فإنَّ الوَصيةَ تَكونُ نافِذةً صَحيحةً، وهذا إذا كانَت بغيرِ كِتابٍ


(١) «تبيين الحقائق» (٥/ ١٤٨)، و «البحر الرائق» (٨/ ٤٥)، و «الدر المختار» (٦/ ٦٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>