للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الدُّسوقيُّ: وحاصِلُها أنَّ غَلةَ المُوصَى به الحادِثةَ بعدَ المَوتِ وقبلَ القَبولِ: قيلَ: كلُّها للمُوصَى له. وقيلَ: كلُّها للمُوصي. وقيلَ: له ثُلثُها فقط، وهو المُشارُ له بقَولِ المُصنفِ: «وقَومٌ بغَلةٍ … إلخ».

وسَببُ هذا الخِلافِ الواقِعِ في الغَلةِ المَذكورةِ الخِلافُ في أنَّ المُعتبَرَ في تَنفيذِ الوَصيةِ هل هو وَقتُ قَبولِ المُعيَّنِ لها؛ إذْ مُقتَضى كَونِ قَبولِ المُعيَّنِ بعدَ المَوتِ شَرطًا في تَنفيذِ الوَصيةِ أنْ يَكونَ المُعتبَرُ في تَنفيذِها وَقتَ القَبولِ، فإذا تأخَّرَ القَبولُ حتى حدَثَت الغَلةُ بعدَ المَوتِ لا يَكونُ شَيءٌ منها للمُوصَى له، بل كلُّها للمُوصي، أو المُعتبَرُ في تَنفيذِها هو وَقتُ المَوتِ؛ لأنَّ المِلكَ للمُوصَى له بالمَوتِ ومُقتَضى كَونِ المِلكِ له بالمَوتِ، أو تَكونُ الغَلةُ المَذكورةُ كلُّها للمُوصَى له، أو المُعتبَرُ في تَنفيذِها الأمرانِ معًا وهُما وَقتُ القَبولِ ووَقتُ المَوتِ لكَونِ القَبولِ شَرطًا في تَنفيذِها والمِلكُ بالمَوتِ؟

أَقوالٌ ثَلاثةٌ، فمَن اعتبَرَ في تَنفيذِها وَقتَ قَبولِ المُعيَّنِ لها فقط قالَ: الغَلةُ كلُّها للمُوصي، ومَن اعتبَرَ في تَنفيذِها وَقتَ المَوتِ فقط قالَ: كلُّها للمُوصَى له، ومَن راعَى الأمرَينِ معًا أعطَى للمُوصَى له منها ثُلثَها، ومُراعاةُ الأمرَينِ معًا هو المَشهورُ، وأَعدَلُ الأَقوالِ عندَ سحنونٍ وهو مَعنى قَولِ «المَج» العِبرةُ بيَومِ النُّفوذِ، فالغَلةُ قبلَه بعدَ المَوتِ تَركةٌ تَسري الوَصيةُ لثُلثِها (١).


(١) «حاشية الدسوقي مع الشرح الكبير» (٦/ ٤٨٧، ٤٨٨)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (١١/ ٢، ٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>