وهذا ممَّا لا نَعلمُ بينَ الأُمةِ فيه خِلافًا، إلا شَيئًا يُحكَى عن بعضِ مُعتزلةِ بَغدادَ، مِثلَ المَريسيِّ (١) وأَضرابِه، أنَّهم زعَموا أنَّ المُخطئَ من المُجتهِدينَ يُعاقَبُ على خَطئِه.
وهذا لأنَّ لُحوقَ الوَعيدِ، لمَن فعَلَ المُحرَّمَ مَشروطٌ بعِلمِه بالتَّحريمِ، أو بتَمكُّنِه من العِلمِ بالتَّحريمِ.
فإنَّ مَنْ نشَأَ ببادِيةٍ، أو كانَ حَديثَ عَهدٍ بإِسلامٍ، وفعَلَ شَيئًا من المُحرَّماتِ غيرُ عالِمٍ بتَحريمِها، لم يأثَمْ، ولم يُحَدْ، وإنْ لم يَستنِدْ في استِحلالِه إلى دَليلٍ شَرعيٍّ.
فمَن لم يَبلُغْه الحَديثُ المُحرِّمُ، واستنَدَ في الإِباحةِ إلى دَليلٍ شَرعيٍّ أوْلى أنْ يَكونَ مَعذورًا.