للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الحَنفيةُ: ولو رَدَّها بعدَ المَوتِ ولم يَقبَلْها فهو رَدٌّ، ولا يَكونُ له أنْ يَقبلَ بعدَ هذا؛ لأنَّ الإِيجابَ بطَلَ بالرَّدِّ كإِيجابِ البَيعِ (١).

قالَ المالِكيةُ: إذا رَدَّ الوَصيةَ بعدَ مَوتِ المُوصي لم يَكنْ له القَبولُ بعدَ ذلك (٢).

وقالَ الشافِعيةُ: إذا رَدَّ الوَصيةَ بعدَ مَوتِ المُوصي فليسَ له الرُّجوعُ فيها.

قالَ العِمرانِيُّ: قالَ في «الأُم»: إذا رَدَّ المُوصَى له الوَصيةَ، ثم بَدا له غيرُ ذلك، وقالَ: «أُريدُ أنْ أرجِعَ فيها؛ لأنَّ الوارِثَ لم يَقبِضْها» لم يَكنْ للمُوصَى له ذلك؛ لأنَّ المُوصَى له لمَّا ملَكَ المُوصَى به وإنْ لم يَقبِضْه بالوَصيةِ ملَكَه الوارِثُ برَدِّ المُوصَى له، وإنْ لم يَقبِضْه الوارِثُ (٣).

وقالَ البُجَيرِميُّ الشافِعيُّ: وأمَّا ما بحَثَه بعضُ الشُّراحِ من عَودِ حَقِّه برُجوعِه قبلَ القِسمةِ لا بعدَها، تَنزيلًا لإِعراضِه مَنزلةَ الهِبةِ وللقِسمةِ مَنزلةَ قَبضِها، وكما لو أعرَضَ مالِكُ كِسرةٍ عنها له العَودُ لأَخذِها فبَعيدٌ، وقياسُه غيرُ مُسلَّمٍ؛ إذِ الإِعراضُ عنها ليسَ هِبةً ولا مُنزلًا مَنزلتَها؛ لأنَّ المُعرَضَ عنه هنا حَقُّ تَملُّكٍ، لا حَقُّ عَينٍ، ومن ثَمَّ جازَ من نَحوِ مُفلسٍ، ولأنَّ الإِعراضَ عن الكِسرةِ يُصيِّرُها مُباحةً لا مَملوكةً ولا مُستحَقةً للغيرِ، فجازَ للمُعرِضِ أَخذُها، والإِعراضُ هنا يَنقُلُ الحَقَّ للغيرِ فلم يَجُزْ له الرُّجوعُ فيه (٤).


(١) «روضة القضاة وطريق النجاة» (٢/ ٦٨٠، ٦٨٢).
(٢) «حاشية الدسوقي» (٦/ ٤٨٦).
(٣) «البيان» (٨/ ١٧٤).
(٤) «حاشية البجيرمي على منهج الطلاب» (٤/ ٣٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>