للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإِمامُ الشافِعيُّ في «الأُم»: إذا أَوصَى لرَجلٍ بوَصيةٍ، ثم قالَ المُوصَى له بعدَ مَوتِ المُوصي: «رَدَدت الوَصيةَ لفُلانٍ»، وسمَّى واحِدًا من الوَرثةِ رجَعَ إلى المُوصَى له، وقيلَ له: ما أرَدتَ بقَولِك: «لفُلانٍ»؟ فإنْ قالَ: «أرَدتُ أنِّي رَدَدت الوَصيةَ إلى جَميعِ الوَرثةِ لأجلِ ذلك المُسمَّى»، عادَت إلى جَميعِ الوَرثةِ، وكانَ المُسمَّى كغيرِه، وإنْ قالَ: «إنِّي أرَدتُ بذلك أنِّي جعَلتُها للمُسمَّى خاصةً»، اختُصَّ المُسمَّى بمِلكِها دونَ سائِرِ الوَرثةِ (١).

وقالَ النَّوويُّ : ولو قالَ: «رَدَدتُ الوَصيةَ لفُلانٍ»، يَعني أحدَ الوَرثةِ، قالَ في «الأُم»: إنْ قالَ: «أرَدتُ لرِضاه»، كانَ رَدًّا على جَميعِ الوَرثةِ، وإنْ قالَ: «أرَدتُ تَخصيصَه بالرَّدِّ عليه»، فهو هِبةٌ له خاصَّةً.

قالَ الأَصحابُ: هذا تَفريعٌ على تَصحيحِ الرَّدِّ بعدَ القَبولِ، وإلا فما لا يَملِكُه لا يُمكنُه أنْ يُملِّكَه غيرُه.

ثم لم يُعتبَرْ لَفظُ الهِبةِ والتَّمليكِ، وقالَ القاضي أَبو الطَّيبِ: لا بُدَّ منه، وهو القياسُ.

ولو ماتَ ولم يُبيِّنْ ما أَرادَه جُعلَ رَدًّا على جَميعِ الوَرثةِ (٢).

وقالَ الحَنابِلةُ: وكلُّ مَوضعٍ صَحَّ فيه الرَّدُّ بطَلَت فيه الوَصيةُ، ويَرجعُ المُوصَى به إلى التَّركةِ فتَكونُ للوَرثةِ جَميعِهم؛ لأنَّ الأَصلَ ثُبوتُ الحُكمِ


(١) «البيان» (٨/ ١٧٤).
(٢) «روضة الطالبين» (٤/ ٤٠٣)، و «البيان» (٨/ ١٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>