للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا أَعجَلَه السَّيرُ في السَّفرِ يُؤخِّرُ صَلاةَ المَغربِ حتى يَجمعَ بينَها وَبينَ صَلاةِ العِشاءِ» (١).

والحَديثُ الثَّالثُ: حَديثُ ابنِ عَباسٍ أخرَجَه مالِكٌ ومُسلمٌ قالَ: «صلَّى رَسولُ اللهِ الظُّهرَ وَالعَصرَ جَميعًا، والمَغربَ وَالعِشاءَ جَميعًا، في غيرِ خَوفٍ ولا سَفرٍ» (٢).

فذهَبَ القائِلونَ بجَوازِ الجَمعِ في تَأويلِ هذه الأَحاديثِ إلى أنَّه أخَّرَ الظُّهرَ إلى وقتِ العَصرِ المُختَصِّ بها، وجَمعَ بينَهما. وذهَبَ الكُوفيُّونَ -أي: أبو حَنيفةَ وأَصحابُه- إلى أنَّه إنَّما أوقَعَ صَلاةَ الظُّهرِ في آخرِ وقتِها، وصَلاةَ العَصرِ في أوَّلِ وقتِها، على ما جاءَ في حَديثِ إمامةِ جِبريلَ ، قالوا: وعلى هذا يَصحُّ حَملُ حَديثِ ابنِ عَباسٍ؛ لأنَّه قدِ انعَقدَ الإِجماعُ على أنَّه لا يَجوزُ ذلك في الحَضرِ لغيرِ عُذرٍ؛ أعني: أن تُصلَّى الصَّلاتانِ معًا في وقتِ إحداهُما، واحتَجوا لتَأويلِهم أيضًا بحَديثِ ابنِ مَسعودٍ، قالَ: «والذي لا إلهَ غيرُه ما صلَّى رَسولُ اللهِ صَلاةً قَطُّ إلا في وقتِها، إلا صَلاتَينِ: جمَعَ بينَ الظُّهرِ والعَصرِ بعَرفةَ، وبينَ المَغربِ والعِشاءِ بجَمعٍ» (٣).


(١) رواه البخاري (١٠٩٢)، ومسلم (٧٠٣).
(٢) رواه مسلم (٧٠٥).
(٣) رواه النسائي (٥/ ٢٥٤)، ورواه البخاري (١٥٩٨، ١٥٩٩) بلفظٍ قَريبٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>