للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الشافِعيةُ: ولو كتَبَ: «إنِّي أوصَيتُ لفُلانٍ بكذا» وهو ناطِقٌ، وأشهَدَ جَماعةً بأنَّ الكِتابَ خَطُّه وما فيه وَصيتُه ولم يُطلِعْهم على ما فيه لم تَنعقدْ وَصيتُه بذلك، ولا يُعملُ بما فيه حتى يَشهدَ الشُّهودُ به مُفصَّلًا، كما لو قيلَ له: «أوصَيتَ لفُلانٍ بكذا؟»، فأَشارَ أنْ: نَعَمْ.

ونقَلَ الإِمامُ المُتولِّي أنَّ مُحمدَ بنَ نَصرٍ المَروَزيَّ من أَصحابِنا قالَ: يَكفي الإِشهادُ عليه مُبهَمًا.

ورَوى أَبو الحَسنِ العَباديُّ أنَّه قالَ: يَكفي الكِتابُ من غيرِ إِشهادٍ، واحتَجَّ بقَولِ النَّبيِّ : «إلا ووَصيتُه مَكتوبةٌ عندَه»، أشعَرَ ذلك باعتِبارِ الكِتابةِ.

قالَ الإِمامُ النَّوويُّ: واعلَمْ أنَّ انعِقادَ الوَصيةِ بالكِتابةِ ليسَ ببَعيدٍ وإنِ استَبعَدوه؛ لأنَّ الكِتابةَ ككِناياتِ الأَلفاظِ، وقد سبَقَ في البَيعِ ذِكرُ الخِلافِ في انعِقادِ البَيعِ ونَحوِه بالكِناياتِ، وذكَرنا الآنَ أنَّ الوَصيةَ أشَدُّ قَبولًا للكِناياتِ.

وليس للشاهِدِ التَّحملُ حتى يُقرأَ عليه الكِتابُ (١).

وقالَ إِمامُ الحَرمَينِ أَبو المَعالي الجُوينيُّ: ثم ظاهِرُ الحَديثِ قد يُوهِمُ أنَّه لو كتَبَ كِتابَ الوَصيةِ يُكتَفى بكِتابتِه، ويُعوَّلُ على كِتابِه، وليسَ الأمرُ


(١) «روضة الطالبين» (٤/ ٤٠١، ٤٠٢)، ويُنظَر: «الوسيط» (٥/ ٣٩٩)، و «كنز الراغبين» (٣/ ٤٠٧، ٤٠٨)، و «النجم الوهاج» (٦/ ٢٦٣، ٢٦٤)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٨٦، ٨٧)، و «تحفة المحتاج» (٨/ ١٧٦، ١٧٧)، و «نهاية المحتاج» (٦/ ٧٤، ٧٥)، و «الديباج» (٣/ ٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>