للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيميةَ : وتَنفُذُ الوَصيةُ بالخَطِّ المَعروفِ، وكذا الإِقرارُ إذا وُجدَ في دَفتَرِه، وهو مَذهبُ الإِمامِ أَحمدَ (١).

وقالَ الإِمامُ ابنُ القَيمِ: وجُمهورُ أهلِ العِلمِ -بل إِجماعُ أهلِ الحَديثِ قاطِبةً- على اعتِمادِ الراوي على الخَطِّ المَحفوظِ عندَه وجَوازِ التَّحديثِ به، إلا خِلافًا شاذًّا لا يُعتدُّ به، ولو لم يُعتمَدْ على ذلك لضاعَ الإِسلامُ اليَومَ وسُنةُ رَسولِ اللهِ ، فليس بأيدي الناسِ بعدَ كِتابِ اللهِ إلا هذه النُّسخُ المَوجودةُ من السُّننِ، وكذلك كُتبُ الفِقهِ الاعتِمادُ فيها على النَّسخِ، وقد كانَ رَسولُ اللهِ يَبعثُ كُتبَه إلى المُلوكِ وغيرِهم وتَقومُ بها حُجَّتُه، ولم يَكنْ يُشافِهُ رَسولًا بكِتابِه بمَضمونِه قَطُّ ولا جَرى هذا في مُدةِ حَياتِه ، بل يَدفعُ الكِتابَ مَختومًا ويأمُرُه بدَفعِه إلى المَكتوبِ إليه، وهذا مَعلومٌ بالضَّرورةِ لأهلِ العِلمِ بسِيرتِه وأَيامِه، وفي الصَّحيحِ عنه أنَّه قالَ: «ما حَقُّ امرِئٍ مُسلمٍ له شَيءٌ يُوصي به يَبيتُ لَيلتَينِ إلا ووَصيتُه مَكتوبةٌ عندَه»، ولو لم يَجُزْ الاعتِمادُ على الخَطِّ لم تَكُنْ لكِتابةِ وَصيتِه فائِدةٌ.

قالَ إِسحاقُ بنُ إِبراهيمَ: قُلتُ لأَحمدَ: الرَّجلُ يَموتُ وتُوجدُ له وَصيةٌ تحتَ رأسِه من غيرِ أنْ يَكونَ أشهَدَ عليها أو أعلَمَ بها أحدًا، هل يَجوزُ إِنفاذُ ما فيها؟ قالَ: إنْ كانَ قد عُرفَ خَطُّه وكانَ مَشهورَ الخَطِّ؛ فإنَّه يَنفُذُ ما فيها.


(١) «الفتاوى الكبرى» (٤/ ٥٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>