للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيميةَ : وتَنفُذُ الوَصيةُ بالخَطِّ المَعروفِ، وكذا بالإِقرارِ إذا وُجدَ في دَفتَرِه، وهو مَذهبُ الإِمامِ أَحمدَ (١).

إلا أنَّ الشافِعيةَ جعَلوا الكِتابةَ من الكِناياتِ.

قالَ الشافِعيةُ: وتَصحُّ الوَصيةُ بالكِتابةِ ولو مِنْ ناطِقٍ، وهي كِنايةٌ فلا بُدَّ أنْ تَكونَ مع النِّيةِ بلا خِلافٍ؛ لأنَّ ما يُقبلُ مَقصودُه التَّعليقُ بالإِغرارِ كالكِتابةِ والخُلعِ يَنعقدُ بالكِتابةِ مع النِّيةِ، والوَصيةُ تَقبلُ التَّعليقَ بالإِغرارِ فأوْلى أنْ تَنعقدَ بالكِتابةِ.

فإذا كتَبَ: «لزَيدٍ كذا»، ونَوى به الوَصيةَ له فلا بُدَّ من الاعتِرافِ بها نُطقًا منه أو مِنْ وَرثتِه بعدَ مَوتِه.

وعن المُتولِّي أنَّه إذا كتَبَ: «أوصَيتُ لزَيدٍ بكذا» لم تَصحَّ إنْ كانَ ناطِقًا.

قالَ الإِمامُ النَّوويُّ: واعلَمْ أنَّ انعِقادَ الوَصيةِ بالكِتابةِ ليسَ ببَعيدٍ، وإنِ استَبعَدوه؛ لأنَّ الكِتابةَ ككِناياتِ الأَلفاظِ، وقد سبَقَ في البَيعِ ذِكرُ الخِلافِ في انعِقادِ البَيعِ ونَحوِه بالكِناياتِ، وذكَرنا الآنَ أنَّ الوَصيةَ أشَدُّ قَبولًا للكِناياتِ (٢).


(١) «الفتاوى الكبرى» (٤/ ٥٢٠).
(٢) «روضة الطالبين» (٤/ ٤٠١، ٤٠٢)، ويُنظَر: «الوسيط» (٥/ ٣٩٩)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٤٠١)، و «كنز الراغبين» (٣/ ٤٠٧، ٤٠٨)، و «النجم الوهاج» (٦/ ٢٦٣، ٢٦٤)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٨٦، ٨٧)، و «تحفة المحتاج» (٨/ ١٧٦، ١٧٧)، و «نهاية المحتاج» (٦/ ٧٤، ٧٥)، و «الديباج» (٣/ ٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>