للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ وابنُ شَعبانَ من المالِكيةِ إلى عَدمِ صِحةِ وَصيتِه بالإِشارةِ.

قالَ ابنُ قُدامةَ: ولا خِلافَ في أنَّ إِشارةَ القادِرِ لا تَصحُّ بها وَصيةٌ ولا إِقرارٌ، وفارَقَ الأَخرسَ؛ فإنَّه مَيؤوسٌ من نُطقِه (١).

وذهَبَ المالِكيةُ في المَشهورِ إلى صِحةِ الإِشارةِ من الناطِقِ.

قالَ المالِكيةُ: تَنعقِدُ الصِّيغةُ بما دَلَّ على الوَصيةِ سَواءٌ كانَ بلَفظٍ أو إِشارةٍ مُفهِمةٍ ولو من قادِرٍ على النُّطقِ؛ لأنَّ حَقيقةَ الرِّضا والكَلامِ إنمَّا هي في القَلبِ، والعِبارةُ والإِشارةُ دَليلٌ عليها، فلا يَتوقَّفُ على لَفظٍ خاصٍّ، بل يُعملُ في ذلك اللَّفظِ الصَّريحِ وبما يُفهَمُ منه قَصدُ الوَصيةِ كإِشارةٍ مُفهِمةٍ، فإذا قرَأَ الشُّهودُ الوَصيةَ على المُوصي وقالوا: «نَشهَدُ أنَّها وَصيتُك»، فقالَ: نَعَمْ، أو أَشارَ برأسِه ولم يَتكلَّمْ، فذلك جائِزٌ (٢).

قالَ الإِمامُ مالِكٌ: الإِشارةُ عِندي بمَنزلةِ الكَلامِ (٣).


(١) «المغني» (٦/ ١٢١)، ويُنظَر: «مختصر اختلاف العُلماء» (٥/ ٦٧)، و «الفتاوى الهندية» (٦/ ١٠٩)، و «شرح مختصر خليل» (٨/ ١٦٩)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٥٢٨)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٤٠١، ٤٠٢)، و «الديباج» (٣/ ٧٨)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٤٢٠)، و «المحرر في الفقه» (١/ ٣٧٦)، و «كشاف القناع» (٤/ ٤٠٧)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٤٤٤).
(٢) «شرح مختصر خليل» (٨/ ١٦٩)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٤٨٦)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٤٣٦، ٤٣٧)، و «مواهب الجليل» (٨/ ٣٦٩)، و «عارضة الأحوذي» (٣/ ٣٧٢، ٣٧٣)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٥٢٨)، و «الشرح الصغير» (١١/ ١).
(٣) «الموطأ» (٢/ ٤٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>