للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحُكمِ بإِشارتِه حتى يَنتهيَ بتَطاولِ المُدةِ إلى زَمانٍ تَيأسُ فيه من بُرئِه فيُحكمُ حينَئذٍ بخَرسِه واعتِبارِ إشارتِه (١).

وذهَبَ الحَنفيةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ الناطِقَ إذا اعتُقلَ لِسانُه فعُرضَت عليه وَصيتُه فأَشارَ بها وفُهِمت إِشارتُه فلا تَصحُّ وَصيتُه إذا لم يَكنْ مَيؤُوسًا من نُطقِه، وفي مُصنفِ ابنِ أَبي شَيبةَ بسَندٍ صَحيحٍ عن قَتادةَ عن خِلاسٍ «أنَّ امرأةً قيلَ لها في مَرضِها: «أَوصِي بكَذا أَوصِي بكذا»، فأومَأتْ برَأسِها فلم يُجِزْه علِيُّ بنُ أَبي طالِبٍ» (٢).

وقالَ الإِمامُ أَبو جَعفرٍ الطَّحاويُّ : قالَ أَبو حَنيفةَ في الأَخرسِ يُقرأُ عليه وَصيتُه ويُقالُ له: «نَشهَدُ عليك بما فيه»، فيُشيرُ برَأسِه: نَعَمْ، قالَ: إذا جاءَ من ذلك ما يُعرفُ أنَّه إِقرارٌ أو كتَبَ فهو جائِزٌ، وإذا اعتُقلَ لِسانُ الرَّجلِ لم يَجُزْ أنْ يَشهَدوا على إِشارتِه.

قالَ أَبو جَعفرٍ: يَعني بذلك مَنْ اعتُقلَ لِسانُه إذا لم يَطُلْ به ذلك، فأمَّا إذا يُئسَ من بُرئِه بمُضيِّ مُدةِ أجلِ عِنِّينٍ فهو بمَنزلةِ الأَخرسِ (٣).

وأمَّا حَديثُ الجاريةِ فقالَ الإِمامُ الطَّحاويُّ: مَعلومٌ أنَّ النَّبيَّ لم يَقتُلِ اليَهوديَّ بإِيمائِها وإنَّما قتَلَه بإِقرارٍ منه بذلك أو ببَيِّنةٍ؛ لأنَّ دَعوى


(١) «الحاوي الكبير» (١١/ ٢٣، ٢٤)، و «أسنى المطالب» (٣/ ٤٢)، و «النجم الوهاج» (٦/ ٢٦٤).
(٢) رواه ابن أَبي شيبة في «مصنفه» (٣٠٨٠٣).
(٣) «مختصر اختلاف العُلماء» (٥/ ٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>