للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَجروحِ لا تُقبلُ على غيرِه وإنْ جازَ أنْ يَقتلَه بإِقرارِه، وإنْ لم يُنقَلْ إلينا كذلك يَجوزُ أنْ يَكونَ إنَّما قبِلَ الخُصومةَ من أَوليائِها في ذلك بدَعواهم، وكانَت فائِدُة استِثباتِها في ذلك وإِشارتِها أنَّه يُغلَّبُ معها في الظَّنِّ أنَّه هو القاتِلُ، فيَسعُ الأَولياءَ أنْ يَدَّعوا عليه، وإنْ لم يَغلِبْ ذلك في الظَّنِّ لمَا وسِعَهم أنْ يَعتَرضوا رَجلًا من عَرضِ الناسِ فيَدَّعوا ذلك عليه (١).

وقالَ في «البَدائعِ»: إذا كانَ الخَرسُ أصليًّا بأنْ وُلدَ أخرَسَ صحَّت وَصيتُه إذا كانَت الإِشارةُ مَفهومةً في ذلك؛ لأنَّه إذا كانَت الإِشارةُ مَفهومةً في ذلك قامَت الإِشارةُ مَقامَ عِبارتِه.

فأمَّا إذا كانَ عارضًا بأنْ طرَأَ عليه الخَرسُ فلا، إلا إذا دامَ به حتى وقَعَ اليَأسُ من كَلامِه وصارَت الإِشارةُ مَفهومةً فيُلحقُ بالأَخرسِ الأَصليِّ (٢).

وفي «الفَتاوَى الهِندية»: مَريضٌ أَوصَى وهو لا يَقدرُ على الكَلامِ لضَعفِه فأَشارَ برأسِه ويُعلمُ منه أنَّه يَعقلُ إنْ فُهِمت منه الإِشارةُ جازَ وإلا فلا، وهذا إذا ماتَ قبلَ أنْ يَقدرَ على النُّطقِ؛ لأنَّه عندَ ذلك يَظهرُ أنَّه وقَعَ اليَأسُ من كَلامِه فصارَ كالأَخرسِ (٣).

وقالَ ابنُ قُدامةَ: فأمَّا الناطِقُ إذا اعتُقلَ لِسانُه فعُرِضت عليه وَصيتُه فأَشارَ بها وفُهِمت إِشارتُه لم تَصحَّ وَصيتُه، ذكَره القاضي وابنُ عَقيلٍ،


(١) «مختصر اختلاف العُلماء» (٥/ ٦٧).
(٢) «بدائع الصنائع» (٥/ ١٣٥) بتصرف.
(٣) «الفتاوى الهندية» (٦/ ١٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>