قالَ المِرداويُّ: قُلتُ: هو ظاهِرُ كَلامِ المُصنِّفِ، وصاحِبِ «الوَجيز» وغيرِهما، حيثُ قالوا: ولا يَجوزُ لمَن له وارِثٌ الوَصيةُ بزِيادةٍ على الثُّلثِ.
وكذا الحُكمُ لو كانَ الوارِثُ واحِدًا من أهلِ الفُروضِ، وقُلنا بعَدمِ الرَّدِّ، قالَه في «الرِّعاية» وغيرِها.
ولو أوصى أحدُ الزَّوجَينِ للآخَرِ بمالِه كلِّه وليسَ للمُوصي وارِثٌ غيرُه أخذَ المُوصَى له المالَ كلَّه إِرثًا ووَصيةً على الصَّحيحِ من المَذهبِ.
وقيلَ: لا تَصحُّ، وله -على هذا- الثُّلثُ بالوَصيةِ، ثم فَرضُه من الباقي، والبَقيةُ لبَيتِ المالِ (١).
وقالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: وإنْ خلَّفَ ذا فَرضٍ لا يَرِثُ المالَ كلَّه كبِنتٍ أو أُمٍّ لم يَكنْ له الوَصيةُ بأكثَرَ من الثُّلثِ؛ لأنَّ سَعدًا قالَ للنَّبيِّ ﷺ:«لا يَرِثُني إلا ابنَتي» فمنَعَه النَّبيُّ ﷺ من الزِّيادةِ على الثُّلثِ، ولأنَّها تَستحقُّ جَميعَ المالِ بالفَرضِ فأشبَهَت العَصبةَ، وإنْ كانَ لها زَوجٌ أو للرَّجلِ امرأةٌ فكذلك؛ لأنَّ الوَصيةَ تَنْقُصُ حَقَّه؛ لأنَّه إنَّما يَستحقُّ فَرضَه بعدَ الوَصيةِ لقَولِه تَعالى: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾ [النساء: ١١].
فأمَّا ذو الرَّحمِ فظاهِرُ كَلامِ الخِرقيِّ أنَّه لا يُمنعُ الوَصيةَ بجَميعِ المالِ لقَولِه:«ولا عَصبةَ له ولا مَولى له»، وذلك لأنَّ ذا الرَّحمِ إِرثُه كالفَضلةِ
(١) «الإنصاف» (٧/ ١٩٢، ١٩٢)، و «كشاف القناع» (٤/ ٤١٠)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٤٤٤).