للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَصيةً؛ لأنَّه لا يَستحقُّ الوَصيةَ قبلَ المِيراثِ بخِلافِ الأَجنبيِّ؛ لأنَّ الزَّوجَ وارِثٌ، وإنَّما جازَت له الوَصيةُ؛ لأنَّه لا وارِثَ لها تَقفُ صِحةُ الوَصيةِ على إِجازتِه.

وعلى هذا إذا ترَكَ زَوجتَه لا وارِثَ له غيرَها وأوصَى لرَجلٍ بجَميعِ مالِه كانَ لها سُدسٌ وللمُوصَى له خَمسةُ أَسداسٍ؛ لأنَّها لا تَستحقُّ من المِيراثِ شَيئًا حتى يُخرَجَ الثُّلثُ الوَصيةُ، فإذا أُخرجَ الثُّلثُ استَحقَّت رُبعَ الباقي وما بَقيَ بعدَ ذلك يَكونُ للمُوصَى له بالجَميعِ (١).

وقالَ الحَنابِلةُ في المَذهبِ: مَنْ لا وارِثَ له تَجوزُ وَصيتُه بجَميعِ المالِ، فلو ماتَ وترَكَ زَوجًا أو زَوجةً لا غيرُ، وكانَ قد أَوصَى بجَميعِ مالِه لزَيدٍ أو الفُقراءِ ورَدَّ الوَصيةَ أحدُ الزَّوجَينِ بطَلَت الوَصيةُ في قَدرِ فَرضِه من الثُّلثَينِ على الصَّحيحِ من المَذهبِ، فإنْ كانَ الرادُّ زَوجًا بطَلَت في الثُّلثِ؛ لأنَّ له نِصفَ الثُّلثَينِ، وإنْ كانَت زَوجةً بطَلَت في السُّدسِ؛ لأنَّ لها رُبعَ الثُّلثَينِ، فيأخُذُ المُوصى له الثُّلثَ؛ لأنَّه لا يَتوقَّفُ على إِجازةٍ، ثم يَأخذُ أحدُ الزَّوجَينِ فَرضَه من الباقي، وهو الثُّلثانِ، فيأخُذُ رُبعَهما وهو سُدسٌ إنْ كانَ الرادُّ زَوجتَه، ونِصفَها وهو ثُلثٌ إنْ كانَ الرادُّ زَوجًا، ثم يَأخذُ المُوصَى له من الباقي من الثُّلثَينِ؛ لأنَّ الزَّوجَينِ لا يُردُّ عليهما فلا يَأخُذانِ من المالِ أكثَرَ من فَرضَيهما.

وقيلَ: لا يَأخذُ المُوصَى له مع أحدِ الزَّوجَينِ سِوى الثُّلثِ، وقدَّمَه في «الشَّرح» و «الفائِق».


(١) «الجوهرة النيرة» (٦/ ٣٧٥، ٣٧٦)، و «تنقيح الفتاوى الحامدية» (٧/ ٢٠٣)، و «درر الحكام» (٤/ ١٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>