للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصِّلةِ، ولذلك لا يُصرفُ إليه شَيءٌ إلا عندَ عَدمِ الرَّدِّ، والمَولى لا تَجبُ نَفقتُه.

ويَحتملُ ألَّا تَنفُذَ وَصيتُه بأكثَرَ من ثُلثِه؛ لأنَّ له وارِثًا، فيَدخلُ في مَعنى قَولِه : «إنَّك أنْ تَدعَ وَرثتَك أَغنياءَ خَيرٌ من أنْ تَدعَهم عالةً يَتكفَّفونَ الناسَ» (١)، ولأنَّهم وَرثةٌ يَستحقُّونَ مالَه بعدَ مَوتِه وصِلتَه لهم في حَياتِه فأشبَهوا ذَوي الفُروضِ والعَصباتِ، وتَقديمُ غيرِهم عليهم لا يَمنعُ مُساواتِهم لهم في مَسألتِنا، كذَوي الفُروضِ الذين يَحجُبُ بعضُهم بعضًا والعَصباتِ.

فَصلٌ: فإنْ خلَّفَ ذا فَرضٍ لا يَرثُ المالَ كلَّه وقالَ: أوصَيتُ لفُلانٍ بثُلثِي على أنَّه لا يَنقُصُ ذا الفَرضِ شَيئًا من فَرضِه، أو خلَّفَ امرأةً وقالَ: «أوَصيتُ لك بما فضَلَ من المالِ عن فَرضِها» صَحَّ في المَسألةِ الأُولى؛ لأنَّ ذا الفَرضِ يَرثُ المالَ كلَّه لولا الوَصيةُ، فلا فَرقَ في الوَصيةِ بينَ أنْ يَجعلَها من رأسِ المالِ أو من الزائِدِ على الفَرضِ.

وأمَّا المَسألةُ الثانيةُ فتَنبَني على الوَصيةِ بجَميعِ المالِ، فإنْ قُلنا: تَصحُّ، ثم صحَّت ههنا؛ لأنَّ الباقيَ عن فَرضِ الزَّوجةِ مالٌ لا وارِثَ له، فصَحَّت الوَصيةُ به كما لو لم تَكُنْ هناك زَوجةٌ، وإنْ قُلنا: لا تَصحُّ ثَمَّ فههنا مِثلُه؛ لأنَّ بَيتَ المالِ جُعلَ كوارِثٍ فصارَ كأنَّه ذو وَرثةٍ يَستغرِقونَ المالَ إذا عيَّنَ الوَصيةَ من نَصيبِ العَصبةِ منهم، فعلى هذا يُعطَى المُوصَى له الثُّلثَ من رأسِ المالِ ويَسقطُ تَخصيصُه (٢).


(١) أخرجه البخاري (٥٠٣٩)، ومسلم (١٦٢٨).
(٢) «المغني» (٦/ ١٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>