للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنَّما يَستحقُّ فَرضَه بعدَ الوَصيةِ لقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾ [النساء: ١٢]، وللأدِلةِ المُتقدِّمةِ في المَسألةِ السابِقةِ (١).

وذهَبَ الحَنفيةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ الوارِثَ إذا كانَ لا يَستحقُّ جَميعَ المالِ كالزَّوجِ والزَّوجةِ؛ فإنَّه يَجوزُ أنْ يُوصيَ بما زادَ على الثُّلثِ.

قالَ الحَنفيةُ: ولا يَمنعُ من ذلك استِحقاقُهما ما يَرِثانِه؛ لأنَّهما يَستحِقانِ سَهمًا من المِيراثِ لا يُزادُ عليه بحالٍ، فما زادَ على ذلك فهو مالُ المَريضِ لا حَقَّ فيه لأحدٍ، فجازَ أنْ يُوصيَ به.

فعلى هذا قالَ مُحمدٌ: إذا ترَكَت المَرأةُ زَوجًا ولم تَتْرُكْ وارِثًا غيرَه وأوصَت لأجنَبيٍّ بنِصفِ مالِها فالوَصيةُ جائِزةٌ، ويَكونُ للزَّوجِ ثُلثُ المالِ وللمُوصَى له النِّصفُ، ويَبقَى السُّدسُ لبَيتِ المالِ.

وإنَّما كانَ للزَّوجِ الثُّلثُ لأنَّه لا يَستحقُّ المِيراثَ إلا بعدَ إِخراجِ الوَصيةِ، فيَحتاجُ إلى أنْ يُخرَجَ الثُّلثُ أولًا للمُوصَى له؛ لأنَّه يَستحقُّه بكلِّ حالٍ، فيَبقَى الثُّلثانِ، يَستحقُّ الزَّوجُ نِصفَه مِيراثًا ويَبقَى نِصفُه للمُوصَى له تَكمِلةَ النِّصفِ، ويَبقَى السُّدسُ لا مُستحِقَّ له فيَكونُ لبَيتِ المالِ.

وكذا إذا أوصَت بذلك لزَوجِها كانَ المالُ كلُّه له نِصفُه مِيراثًا ونِصفُه


(١) «التمهيد» (٨/ ١٤٨، ١٥٠)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٥/ ١٧٣، ١٧٤) رقم» (١٩٢٦)، و «الحاوي الكبير» (٨/ ١٩٥، ١٩٦)، و «البيان» (٨/ ١٥٦)، و «شرح صحيح مسلم» (١١/ ٧٧)، و «المغني» (٦/ ١٢٣، ١٢٤)، و «المبدع» (٦/ ١٠)، و «الإنصاف» (٧/ ١٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>