للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الزَّرقانِيُّ: قيلَ: وجَوازُ الوَصيةِ بأكثَرَ من الثُّلثِ لمَن لا وارِثَ له؛ لأنَّ مَفهومَ قَولِه: «أنْ تَذرَ وَرثتَك أَغنياءَ» أنَّ مَنْ لا وارِثَ له لا يُبالي بالوَصيةِ بما زادَ؛ لأنَّه لا يَتركُ من يَخشَى عليه الفَقرَ، وتُعقِّبَ بأنَّه ليسَ تَعليلًا مَحضًا وإنَّما فيه تَنبيهٌ على الأحَظِّ الأنفَعِ، ولو كانَ تَعليلًا مَحضًا لاقتَضَى جَوازَ الوَصيةِ بأكثَرَ من الثُّلثِ لمَن وَرثتُه أَغنياءُ، ولنفَذَ ذلك عليهم بغيرِ إِجازتِهم، ولا قائِلَ به، وعلى تَقديرِ أنَّه تَعليلٌ مَحضٌ فهو للنَّقصِ عن الثُّلثِ لا للزِّيادةِ عليه، فكأنَّه لمَّا شرَعَ الإِيصاءَ بالثُّلثِ وأنَّه لا اعتِراضَ فيه على المُوصي، قالَ: إلا أنَّ الانحِطاطَ عنه أوْلى، ولا سيَّما لمَن ترَكَ وَرثتَه فُقراءَ (١).

وقالَ الإِمامُ النَّوويُّ : أمَّا مَنْ لا وارِثَ له فمَذهبُنا ومَذهبُ الجُمهورِ أنَّه لا تَصحُّ وَصيتُه فيما زادَ على الثُّلثِ، وجوَّزَه أَبو حَنيفةَ وأَصحابُه وإِسحاقُ وأَحمدُ في إِحدَى الرِّوايتَينِ عنه، ورُويَ عن علِيٍّ وابنِ مَسعودٍ (٢).

وقالَ القاضي عبدُ الوَهابِ المالِكيُّ: إذا لم يَكنْ له وارِثٌ مُعيَّنٌ لم يَكنْ له أنْ يُوصيَ إلا بالثُّلثِ، فإنْ زادَ كانَ ما زادَ لبَيتِ المالِ مِيراثًا، وقالَ أَبو حَنيفةَ: له أنْ يُوصيَ بكلِّ مالِه.


(١) «شرح الزرقاني» (٤/ ٨٣).
(٢) «شرح صحيح مسلم» (١١/ ٧٧)، و «البيان» (٨/ ١٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>