للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأقرَعَ بينَهم، فأعتَقَ اثنَينِ وأرَقَّ أربَعةً وقالَ له قَولًا شَديدًا» (١)، قالَ الماوَرديُّ: ولم يَكنْ له وارِثٌ، ولأنَّه لو كانَ له وارِثٌ لوقَفَ على إِجازتِه، ولأنَّ مالَ مَنْ لا وارِثَ له يَصيرُ إلى بَيتِ المالِ إِرثًا لأمرَينِ:

أَحدُهما: أنَّه يَخلُفُ الوَرثةَ في استِحقاقِ مالِه، والثاني: أنَّه يَعقلُ عنه كوَرثتِه، فلمَّا رُدَّت وَصيتُه مع الوارِثِ إلى الثُّلثِ رُدَّت إلى الثُّلثِ مع بَيتِ المالِ؛ لأنَّه وارِثٌ، وقد تحرَّرَ منه قِياسانِ:

أَحدُهما: أنَّ كلَّ جِهةٍ استحَقَّت التَّركةَ بالوَفاةِ مُنِعت من الوَصيةِ بجَميعِ المالِ كالوَرثةِ.

والثاني: أنَّ ما مُنعَ من الوَصايا مع الوَرثةِ مُنعَ منها مع بَيتِ المالِ كالدُّيونِ.

فأمَّا الجَوابُ عن قَولِه : «أنْ تَدعَ وَرثتَك أَغنياءَ خَيرٌ من أنْ تَدعَهم عالةً» فهو أنَّه لم يَجعَلْ ذلك تَعليلًا لرَدِّ الزِّيادةِ على الثُّلثِ، ولو كانَ ذلك تَعليلًا لجازَت الزِّيادةُ على الثُّلثِ مع غِناهم إذا لم يَصيروا عالةً يَتكفَّفونَ الناسَ، وإنَّما قالَه صِلةً في الكَلامِ وتَنبيهًا على الحَظِّ، وأمَّا قَولُ ابنِ مَسعودٍ: «يَضعُ مالَه حيثُ يَشاءُ»، فمالُه الثُّلثُ وَحدَه وله وَضعُه حيثُ شاءَ، وأمَّا الصَّدقةُ فهي كالوَصيةِ، إنْ كانَت في الصِّحةِ أُمضيَت مع وُجودِ الوارِثِ وعَدمِه، وإنْ كانَت في المَرضِ رُدَّت إلى الثُّلثِ مع وُجودِ الوارِثِ وعَدمِه (٢).


(١) أخرجه مسلم (١٦٦٨).
(٢) «الحاوي الكبير» (٨/ ١٩٥، ١٩٦)، و «التمهيد» (٨/ ١٤٨، ١٥٠)، و «المغني» (٦/ ١٢٣، ١٢٤)، و «المبدع» (٦/ ١٠)، و «الإنصاف» (٧/ ١٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>