للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ ابنُ عبدِ البَرِّ : وأجمَعَ جُمهورُ أهلِ العِلمِ على أنَّ الوَصيةَ لا تَجوزُ بأكثَرَ من الثُّلثِ إلا أنْ يُجيزَها الوَرثةُ، وعلى هذا جَماعةُ جُمهورِ الفُقهاءِ بالعِراقِ والحِجازِ والمَغربِ والشامِ.

وشذَّت طائِفةٌ منهم عبدُ الرَّحمنِ بنُ كَيسانَ فلم يُجيزوا الوَصيةَ بأكثَرَ من الثُّلثِ وإنْ أَجازَها الوَرثةُ، وقالوا: ليسَ لهم أنْ يُجيزوا للمُوصي ذلك، ولهم أنْ يُعطوا المُوصَى له من فَرائِضِهم وسائِرِ أَموالِهم ما شاؤُوا (١).

واستدَلُّوا على ذلك بما صَحَّ من طُرقٍ عن سَعدِ بنِ أَبي وَقاصٍ أنَّه قالَ: كانَ النَّبيُّ يَعودُني وأنا مَريضٌ بمَكةَ، فقُلتُ: لي مالٌ، أُوصي بمالي كلِّه؟ قالَ: لا. قُلتُ: فالشَّطرُ؟ قالَ: لا. قُلتُ فالثُّلثُ؟ قالَ: «الثُّلثُ والثُّلثُ كَثيرٌ، أنْ تَدعَ وَرثتَك أَغنياءَ خَيرٌ من أنْ تَدعَهم عالةً يَتكفَّفونَ الناسَ في أَيديهم» (٢).

وقالَ رَسولُ اللهِ : «إنَّ اللهَ تَصدَّقَ عليكم عندَ وَفاتِكم بثُلثِ أَموالِكم زِيادةً لكم في أَعمالِكم وحَسناتِكم» (٣). وهذا يَدلُّ على أنَّه لا شَيءَ له في الزائِدِ عليه.

وحَديثُ عِمرانَ بنِ الحُصَينِ «أنَّ رَجلًا من الأَنصارِ أوْصَى عندَ مَوتِه بعِتقِ سِتةِ أعبُدٍ لا مالَ له غيرَهم، فدَعاهم رَسولُ اللهِ


(١) «الاستذكار» (٧/ ٢٧٣).
(٢) أخرجه البخاري (٥٠٣٩)، ومسلم (١٦٢٨).
(٣) حَدِيثٌ حَسَنٌ: رواه ابن ماجه (٢٧٠٩)، وأَحمد (٢٧٥٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>