للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الوَصيةَ في الابتِداءِ كانَت فَريضةً للوالِدَينِ والأَقرَبينَ المُسلِمينَ ثم نُسخَت بحَديثِ أَبي قِلابةَ.

وقالَ بعضُهم: إنْ كانَ عليه حَجٌّ أو زَكاةٌ أو كَفارةٌ أو غيرُ ذلك من الواجِباتِ فالوَصيةُ بذلك واجِبةٌ، وإنْ لم يَكنْ فهي غيرُ واجِبةٍ بل جائِزةٌ، وبه أخَذَ الفَقيهُ أَبو اللَّيثِ (١).

٢ - ومِن جِهةِ المَعنى؛ لأنَّه لو لم يُوصِ لقُسِّم جَميعُ مالِه بينَ وَرثتِه بالإِجماعِ، فلو كانَت الوَصيةُ واجِبةً لأُخرجَ من مالِه سَهمٌ يَنوبُ عن الوَصيةِ (٢).

٣ - ولأنَّها إِثباتُ حَقٍّ في مالٍ بعَقدٍ كالهِبةِ والعاريةِ (٣).

٤ - قالَ ابنُ عبدِ البَرِّ : أجمَعَ العُلماءُ على أنَّ الوَصيةَ غيرُ واجِبةٍ على أحدٍ إلا أنْ يَكونَ عليه دَينٌ أو تَكونَ عندَه وَديعةٌ أو أَمانةٌ فيُوصي بذلك، وفي إِجماعِهم على هذا بَيانٌ لمَعنى الكِتابِ والسُّنةِ في الوَصيةِ، وقد شذَّت طائِفةٌ فأوجَبَت الوَصيةَ لا يُعدُّونَ خِلافًا على الجُمهورِ، واحتَجُّوا بظاهِرِ القُرآنِ، وقالوا: المَعروفُ واجِبٌ كما يَجبُ تَركُ المُنكرِ، قالوا: وواجِبٌ على الناسِ كلِّهم أنْ يَكونوا من المُتَّقينَ.

وممَّا يَدلُّ على أنَّ الحَديثَ في الحَضِّ على الوَصيةِ نَدبٌ، لا إِيجابٌ، أنَّ رَسولَ اللهِ لم يُوصِ، مع ما ذكَرنا من إِجماعِ الذين لا يَجوزُ


(١) «بدائع الصنائع» (٧/ ٣٣٠، ٣٣١).
(٢) «فتح الباري» (٥/ ٣٥٨).
(٣) «الجوهرة النيرة» (٦/ ٣٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>