للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عليهم السَّهوُ والغَلطُ ولا الجَهلُ بمَعنى كِتابِ اللهِ وسُنةِ رَسولِه ثم رَوى بإِسنادِه عن طَلحةَ بنِ مُصرِّفٍ قالَ: «قُلتُ لابنِ أَبي أوْفَى: أوصَى رَسولُ اللهِ بشَيءٍ؟ قالَ: لا. قُلتُ: كيفَ كتَبَ على الناسِ الوَصيةَ، أو أُمِروا بالوَصيةِ؟ قالَ: أوصَى بكِتابِ اللهِ» (١) (٢).

٥ - واستَدلُّوا على ذلك بقَولِه تَعالى في آيةِ الوَصيةِ: ﴿حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (١٨٠)[البقرة: ١٨٠] على أنَّها ليسَت واجِبةً وإنَّما مَندوبةٌ؛ لأنَّه لو كانَ فَرضًا لكانَ على جَميعِ المُسلِمينَ، فلمَّا خَصَّ اللهُ تَعالى مَنْ يَتَّقي، أي: يَخافُ تَقصيرًا، دَلَّ على أنَّه غيرُ لازِمٍ (٣).

وقالَ الإِمامُ القُرطُبيُّ : اختَلفَ العُلماءُ في وُجوبِ الوَصيةِ على مَنْ خلَّفَ مالًا، بعدَ إِجماعِهم على أنَّها واجِبةٌ على مَنْ قِبَلَه وَدائعُ وعليه دُيونٌ، وأكثَرُ العُلماءِ على أنَّ الوَصيةَ غيرُ واجِبةٍ على مَنْ ليسَ قِبَلَه شَيءٌ من ذلك، وهو قَولُ مالِكٍ والشافِعيِّ والثَّوريِّ، مُوسرًا كانَ المُوصي أو فَقيرًا (٤).

قالَ الإِمامُ ابنُ قُدامةَ المَقدسيُّ : وأجمَعَ العُلماءُ في جَميعِ الأَمصارِ والأَعصارِ على جَوازِ الوَصيةِ.

ولا تَجبُ الوَصيةُ إلا على مَنْ عليه دَينٌ أو عندَه وَديعةٌ أو عليه واجِبٌ يُوصي بالخُروجِ منه؛ فإنَّ اللهَ تَعالى فرَضَ أَداءَ الأَماناتِ، وطَريقُه في هذا


(١) أخرجه البخاري (٢٥٨٩).
(٢) «التمهيد» (١٤/ ٢٩٢، ٢٩٤).
(٣) «أحكام القرآن» لابن العربي (١/ ١٠٤).
(٤) «تفسير القرطبي» (٢/ ٢٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>