للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَغناهم عن رِوايتِه، وقد ظهَرَ العَملُ بهذا مع ظُهورِ القَولِ أيضًا من الأئِمةِ بالفَتوى به بلا تَنازُعٍ منهم.

ومِثلُه يُوجِبُ العَملَ قَطعًا، فيَجوزُ نَسخُ الكِتابِ الكَريمِ به كما يَجوزُ بالمُتواتِرِ في الرِّوايةِ، إلا أنَّهما يَفتَرِقانِ من وَجهٍ وهو أنَّ جاحِدَ المُتواتِرِ في الرِّوايةِ يَكفُرُ وأنَّ جاحِدَ المُتواتِرِ في ظُهورِ العَملِ لا يَكفرُ؛ لمَعنًى عُرفَ في أُصولِ الفِقهِ.

وقالَ بَعضُ العُلماءِ: نسَخَتها آيةُ المَواريثِ، وفي الحَديثِ ما يَدلُّ عليه؛ فإنَّه قالَ: «إنَّ اللهَ أعطَى كلَّ ذي حَقٍّ حَقَّه، فلا وَصيةَ لوارِثٍ»، وقَولُه: «كلَّ ذي حَقٍّ حَقَّه» أي: كلَّ حَقِّه.

فقد أَشارَ إلى أنَّ المِيراثَ الذي أُعطيَ للوارِثِ هو كلُّ حَقِّه، فيَدلُّ على ارتِفاعِ الوَصيةِ وتَحوُّلِ حَقِّه من الوَصيةِ إلى المِيراثِ، وإذا تَحوَّلَ فلا يَبقَى له حَقٌّ في الوَصيةِ، كالقِبلةِ لمَّا تَحوَّلَت من بَيتِ المَقدسِ إلى الكَعبةِ، لم يَبقَ ببَيتِ المَقدسِ قِبلةٌ، وكالدَّينِ إذا تحوَّلَ من ذِمةٍ إلى ذِمةٍ لا يَبقَى في الذِّمةِ الأُولى، وكما في الحَوالةِ الحَقيقيةِ.

وقالَ بَعضُهم: الوَصيةُ بَقيَت واجِبةً للوالِدَينِ والأَقرَبينَ غيرِ الوارِثينَ بسَببِ الكُفرِ والرِّقِّ، والآيةُ -وإنْ كانَت عامَّةً في المَخرجِ- خُصَّ منها الوالِدانِ والأَقرَبونَ الوارِثونَ بالحَديثِ، وهو قَولُه : «لا وَصيةَ لوارِثٍ» فكانَ الحَديثُ مُخصِّصًا لعُمومِ الكِتابِ لا ناسِخًا، والحَملُ على التَّخصيصِ أَولى من الحَملِ على النَّسخِ، إلا أنَّ عامَّةَ أهلِ التَّأويلِ قالوا: إنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>