للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويُحتملُ أنْ يَكونُ سَببُه كونُه يَأتي بالقُربةِ التي التزَمَها في نَذرِه على صُورةِ المُعاوضَةِ للأَمرِ الذي طلَبَه فيَنقصُ أَجرُه وشَأنُ العِبادةِ أنْ تَكونَ مُتمحِّضةً للهِ تَعالى.

ويُحتملُ أنَّ النَّهيَ لكَونِه قد يَظنُّ بعضُ الجَهلةِ أنَّ النَّذرَ يَردُّ القَدرَ ويَمنعُ مِنْ حُصولِ المُقدَّرِ فنَهى عنه خَوفًا مِنْ جاهلٍ يَعتقدُ ذلك، وسياقُ الحَديثِ يُؤيدُ هذا.

ويُحتملُ أنَّ النَّهيَّ مَحمولٌ على مَنْ عُلمَ مِنْ حالِه عَدمُ القيامِ بما التَزمَه جَمعًا بينَ الأَدلةِ فإنَّ قَولَه تَعالى: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ﴾ [البقرة: ٢٧٠] يَقتضي استِحبابَ النَّذرِ» (١).

الرَّابعُ: التَّفصيلُ: فيُستحبُّ نَذرُ التَّبررِ، وهو الذي ليسَ مُعلقًا على شيءٍ، ولا يُستحبُّ المُعلَّقُ واختارَه ابنُ الرِّفعةَ، وقالَ الخَطيبُ الشِّربينيُّ: «وهذا أَوجهُ» (٢).

وذهَبَ الحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ النَّذرَ مَكروهٌ غيرُ مُستحبٍ؛ لأنَّه لا يَأتي بخَيرٍ ولا يَردُّ قَضاءً لمَا رُويَ مِنْ طريقِ سُفيانَ وشُعبةَ، كِلاهما عن مَنصورٍ عن عَبدِ اللهِ بنِ مُرَّةَ عن ابنِ عُمرَ عن النَّبيِّ : «أنَّه نَهى عن النَّذرِ، وقالَ: إنَّه لا يَردُّ شَيئًا ولكنْ يُستخرجُ به مِنْ البَخيلِ» (٣).


(١) «طرح التثريب» (٦/ ٣٦، ٣٧).
(٢) «مغني المحتاج» (٦/ ٢٥٣، ٢٥٤)، و «النهج الوهاج» (١٠/ ٩٥، ٩٦)، و «تحفة المحتاج» (١٢/ ٥، ٦)، و «طرح التثريب» (٦/ ٣٦، ٣٧).
(٣) أخرجه البخاري (٦٦٠٨، ٦٦٩٣)، ومسلم (١٦٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>