للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَنصورٍ عن عَبدِ اللهِ بنِ مُرةَ عن ابنِ عُمرَ عن النَّبيِّ : «أنَّه نَهى عن النَّذرِ، وقالَ: إنَّه لا يَردُّ شَيئًا ولكنْ يُستخرجُ به مِنْ البَخيلِ» (١).

هذا لَفظُ سُفيانَ ولَفظُ شُعبةَ: «إنَّه لا يَأتي بخَيرٍ» مَكانَ» إنَّه لا يَردُّ شَيئًا، وإِنَّه يُستخرجُ به مِنْ البَخيلِ» (٢).

والثانِي: أنَّه خِلافُ الأَولى.

والثَّالثُ: أنَّه قُربةٌ وبه جزَمَ المُتولِّي والغَزاليُّ والرَّافعيُّ وكذا النَّوويُّ في شَرحِ المُهذَّبِ لِقولِه تَعالى: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ﴾ [البقرة: ٢٧٠] أيْ: يُجازي عليه.

وقالوا: «إنَّ النَّهيَ الواردَ فيه تَأكيدٌ لأَمرِه وتَحذيرٌ عن التَّهاونِ به بعدَ إيجابِه»، قالَ: «ولو كانَ معناه الزَّجرُ عنه حتى لا يَفعلَ لَكانَ في ذلك إِبطالُ حُكمِه وإِسقاطُ لُزومِ الوَفاءِ به إذ كانَ بالنَّهي يَصيرُ مَعصيةً فلا يَلزمُ».

قالَ: «وإنَّما وَجهُ الحَديثِ أنَّه قد أعلَمَهم أنَّ ذلك أمرٌ لا يَجرُّ لهم في العاجلِ نَفعًا ولا يَصرفُ عنهم ضرًّا ولا يَردُّ قَضاءً، فقالَ: لا تَنذروا على أنَّكم تُدركونَ بالنَّذرِ شَيئًا لمْ يُقدِّرْه اللهُ أو تَصرفونَ به عنكم ما جَرى به القَضاءُ عليكم فإذا نذَرْتُم ولمْ تَعتقدوا هذا فأَخرِجوا عنه بالوَفاء فإن الذي نذَرتُموه لازمٌ لكم.

ويُحتملُ أنْ يَكونَ سَببُ النَّهي عن النَّذرِ كَونُ النَّاذرِ يَصيرُ مُلتزِمًا به فيَأتي به تَكلُّفًا بغيرِ نَشاطٍ.


(١) أخرجه البخاري (٦٦٠٨، ٦٦٩٣)، ومسلم (١٦٣٩).
(٢) أخرجه مسلم (١٩٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>