للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعنه -واختارَه جَمعٌ مِنهم الخِرَقيُّ- قالَ القاضِي وأَصحابُه: الأوْلَى الجَوازُ.

وفي «المُغني»: هذا أحسَنُ -أي إِجزاءُ الخُبزِ-؛ لقَولِه تَعالى: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩]، وهذا مِنْ أوسَطِ ما يُطعِمُ أهلَه، وليسَ الادِّخارُ مَقصودًا في الكَفارةِ؛ فإنَّها مُقدَّرةٌ بما يَقوتُ المِسكينَ في يَومِه، وهذا مُهيَّأٌ للأكلِ المُعتادِ للاقتِياتِ.

وأمَّا الهَريسةُ فإنَّها خرَجَت عن الاقتِياتِ المُعتادِ إلى حَيِّزِ الأُدمِ.

ولا يُجزِئُ مِنْ البُرِّ أقلُّ مِنْ مُدٍّ، ولا يُجزِئُ مِنْ التَّمرِ والشَّعيرِ والزَّبيبِ والأقِطِ أقلُّ مِنْ مُدَّينِ، ولا مِنْ خُبزِ البُرِّ أقلُّ مِنْ رِطلَينِ بالعِراقيِّ؛ لأنَّ الغالِبَ أنَّ ذلك لا يَبلُغُ مُدًّا.

ولا مِنْ خُبزِ الشَّعيرِ أقلُّ مِنْ أربَعةِ أَرطالٍ بالعِراقيِّ إنْ قُلنا بإِجزاءِ الخُبزِ.

إلا أنْ يَعلَمَ أنَّه -أي المُخرَجَ مِنْ الخُبزِ- مُدٌّ مِنْ البُرِّ أو مُدَّانِ مِنْ الشَّعيرِ فيُجزِئَ؛ لأنَّه الواجِبُ، ويُستحَبُّ إِخراجُ أُدمٍ مع المُجزِئِ، نَصَّ عليه (١).

وذهَبَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ وابنُ القَيِّمِ -رحمهما الله- إلى أنَّ الواجِبَ يُرجَعُ فيه إلى العُرفِ، وأنَّه غيرُ مُقدَّرٍ في الشَّرعِ.

قالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ : كَفارةُ اليَمينِ هي المَذكورةُ في سُورةِ المائِدةِ، قالَ تَعالى: ﴿فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ﴾


(١) «كشاف القناع» (٥/ ٤٥٠، ٤٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>