للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّحمنِ أنَّه قالَ: «العَرَقُ زِنبيلٌ يأخُذُ خَمسةَ عَشرَ صاعًا»، فعَرقانِ يَكونانِ ثَلاثينَ صاعًا، يَكونُ لكلِّ مِسكينٍ نِصفُ صاعٍ، ولأنَّها كَفارةٌ تَشتمِلُ على صيامٍ وإِطعامٍ، كانَ لكلِّ مِسكينٍ نِصفُ صاعٍ مِنْ التَّمرِ والشَّعيرِ كفِديةِ الأَذى (١).

وقالَ البُهوتِيُّ : والمُخرَجُ في الكَفارةِ ما يُجزِئُ في الفُطرةِ، وهو البُرُّ والشَّعيرُ ودَقيقُهما وسَويقُهما والتَّمرُ والزَّبيبُ والأقِطُ، فإنْ كانَ قُوتُ بَلَدِه غيرَ ذلك كالذُّرةِ والدَّخَنِ والأرُزِّ لم يَجُزْ إخراجُه؛ لأنَّ الخَبَرَ ورَدَ بإِخراجِ هذه الأَصنافِ في الفُطرةِ فلم يَجُزْ غَيرُها كما لو لم يَكنْ قُوتَ بَلَدِه، واختارَ أبو الخَطابِ والمُوفَّقُ وغَيرُهما: يُجزِئُ؛ لقَولِه تَعالى: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩]، وإِخراجُ الحَبِّ أفضَلُ؛ للخُروجِ مِنْ الخِلافِ، وهي حالةُ كَمالِه؛ لأنَّه مُدَّخَرٌ ويَتهيَّأُ لمَنافِعِه كلِّها بخِلافِ غَيرِه.

ونقَلَ ابنُ هانِئٍ: التَّمرُ والدَّقيقُ أحَبُّ إلَيَّ مما سِواهما.

وفي «التَّرغيب»: التَّمرُ أعجَبُ إلى أحمدَ، قُلتُ: هو قِياسُ ما تَقدَّمَ في الفُطرةِ.

فإنْ أخرَجَ دَقيقًا جازَ، لكنْ يَزيدُ على المُدِّ قَدْرًا يَبلغُ المُدَّ حَبًّا، أو يُخرِجُه -أي الدَّقيقَ- بالوَزنِ رِطلًا عِراقيًّا وثُلُثًا؛ لأنَّ الحَبَّ تَتفرَّقُ أجزاؤُه بالطَّحنِ، فيَكونُ في مِكيالِ الحَبِّ أكثَرَ مما يَكونُ في مِكيالِ الدَّقيقِ.

ولا يُجزِئُ إِخراجُ خُبزٍ؛ لأنَّه خرَجَ عن الكَيلِ والادِّخارِ فأشبَهَ الهَريسةَ.


(١) «المغني» (٨/ ٢٤، ٢٥)، و «الكافي» (٣/ ٢٧٢)، و «المبدع» (٨/ ٦٧)، و «كشاف القناع» (٥/ ٤٥٠، ٤٥١)، و «منار السبيل» (٣/ ١٤٢، ١٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>