للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ الحَنابِلةُ إلى أنَّ الواجِبَ في قَدْرِ الطَّعامِ في الكَفاراتِ كلِّها مُدٌّ مِنْ بُرٍّ لكلِّ مِسكينٍ، أو نِصفُ صاعٍ مِنْ تَمرٍ أو شَعيرٍ؛ لما رَواه الأثرَمُ بإِسنادِه عن أَبي هُريرةَ في حَديثِ المُجامِعِ في رَمضانَ أنَّ النَّبيَّ : «أُتيَ بعَرَقٍ فيه خَمسةَ عَشرَ صاعًا فقالَ: خُذْه وتَصدَّقْ به»، وإذا ثبَتَ في المُجامِعِ بالخَبَرِ ثبَتَ في غَيرِه بالقِياسِ عليه، ولأنَّه إِطعامٌ واجِبٌ لم يَختلِفْ باختِلافِ أَنواعِ المُخرَجِ كالفُطرةِ وفِديةِ الأَذى.

ولِما رَوى الإمامُ أحمدُ: ثَنا إِسماعيلُ ثَنا أيُّوبُ عن أَبي يَزيدَ المَدنِيِّ قالَ: جاءَتِ امرَأةٌ مِنْ بَني بَياضةَ بنِصفِ وَسقِ شَعيرٍ، فقالَ النَّبيُّ للمُظاهِرِ: «أطعِمْ هذا، فإنَّ مُدَّيْ شَعيرٍ مَكانَ مُدِّ بُرٍّ» (١)، قالَ ابنُ قُدامةَ : وهذا نَصٌّ، ويَدلُّ على أنَّه مُدُّ بُرٍّ أنَّه قَولُ زَيدٍ وابنِ عَباسٍ وابنِ عُمرَ وأَبي هُريرةَ، ولم نَعرِفْ لهم في الصَّحابةِ مُخالِفًا، فكانَ إِجماعًا، وعلى أنَّه نِصفُ صاعٍ مِنْ التَّمرِ والشَّعيرِ ما رَوى عَطاءُ بنُ يَسارٍ أنَّ رَسولَ اللهِ قالَ لخُوَيلةَ امرَأةِ أوسِ بنِ الصامِتِ: «اذهَبي إلى فُلانٍ الأَنصاريِّ، فإنَّ عندَه شَطرَ وَسقٍ مِنْ تَمرٍ أخبَرَني أنَّه يُريدُ أنْ يَتصدَّقَ به، فلتَأخُذيه فليَتصدَّقْ به على سِتِّينَ مِسكينًا»، وفي حَديثِ أوسِ بنِ الصامتِ أنَّ النَّبيَّ قالَ: «إنِّي سَأعينُه بعَرَقٍ مِنْ تَمرٍ، قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، فإنِّي سَأعينُه بعَرَقٍ آخَرَ، قالَ: قد أحسَنتِ، اذهَبي فأَطعِمي بها عنه سِتِّينَ مِسكينًا وارجِعي إلى ابنِ عَمِّكِ»، ورَوى أبو داودَ بإِسنادِه عن أبي سَلَمةَ بنِ عَبدِ


(١) رواه البيقي في «السنن الكبرى» (٧/ ٣٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>