للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإمامُ السَّرخسيُّ : قالَ مُحمدٌ في قولِه: «وأَمانةِ اللهِ»: إنَّه يَمينٌ، ثم سُئلَ عن مَعناهُ فقالَ: لا أَدرِي فكأنَّه قالَ: وجَدَ العَربَ يَحلِفونَ بأَمانةِ اللهِ عادةً فجعَلَه يَمينًا وذكَرَ الطَّحاوِيُّ أنَّ قولَه: «وأَمانةِ اللهِ» لا يَكونُ يَمينًا؛ لأنَّه عِبادةٌ مِنْ العِباداتِ والطَّاعاتِ ولكنْ أمَرَ اللهُ تَعالى بها وهي غيرُ اللهِ تَعالى.

وَجهُ رِوايةِ الأَصلِ أنَّه يَتعذَّرُ الإِشارةُ إلى شَيءٍ بعَينِه على الخُصوصِ أنَّه أَمانةُ اللهِ، والحَلفُ به مُتعارَفٌ وعلِمنَا أنَّهم يُريدونَ به الصِّفةَ فكأنَّه قالَ: «واللهِ الأَمينِ» (١).

وذهَبَ المالِكيةُ إلى أنَّه إذا حلَفَ بأَمانةِ اللهِ بأنْ قالَ: وأَمانةِ اللهِ فإنَّها يَمينٌ مُكفَّرةٌ؛ لأنَّها صِفةٌ مِنْ صِفاتِ الذَّاتِ يُوصَفُ بها الأَمينُ المُؤتَمنُ لَم يَزلْ تَعالى مَوصوفًا به فصارَ كقولِه: «وعَظمةِ اللهِ وقُدرتِه».

إلا أنَّهم قالوا: هذا إذا قصَدَ بها صِفةَ البارِئِ تَعالى، فأمَّا إنْ أَرادَ ما جعَلَه اللهُ تَعالى في عِبادِه مِنْ الأَمانةِ فلا، وقالَه أَشهبُ. وحينَئذٍ تَكونُ يَمينًا غيرَ مَشروعةٍ (٢).


(١) «المبسوط» (٨/ ١٣٣)، و «شرح فتح القدير» (٥/ ٦٧)، و «الاختيار» (٤/ ٦٠).
(٢) «المدونة الكبرى» (٣/ ١٠٣)، و «شرح صحيح البخاري» (٦/ ١١٧)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٤/ ٢٧٧)، و «التاج والإكليل» (٢/ ٢٧٥)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ٥٢)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٢/ ٤٠٠)، و «تحبير المختصر» (٢/ ٣٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>