للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ الشافِعيةُ إلى أنَّه إذا قالَ: «وأَمانةٍ، لا فَعلتُ كذا»، أو قالَ: «وأَمانتِه، لأَفعلَنَّ كذا»، فإنْ نَوى به اليَمينَ .. فهو يَمينٌ، وإنْ لَم نَوى به العِباداتِ التي أخَذَ اللهُ علَينا العَهدَ بأَدائِها .. لَم يَكنْ يَمينًا؛ لقولِه تَعالى: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ﴾ [الأحزاب: ٧٢] قيلَ في التَّفسيرِ: هي الأَعمالُ بالثَّوابِ.

وإنْ أُطلِقَ ففيه وَجهانِ:

أَحدُهما: هو يَمينٌ؛ لأنَّ العادةَ قد جرَت بالحَلفِ بذلك، فانصَرفَ إِطلاقُها إلى اليَمينِ، كقولِه: «وعَظمةِ اللهِ».

والثانِي -وهو المَنصوصُ وهو الصَّحيحُ مِنْ المَذهبِ-: أنَّه ليسَ بيَمينٍ؛ لأنَّ ظاهِرَ اللَّفظِ يَنصرفُ إلى ما وجَبَ له على خَلقِه مِنْ العِباداتِ، فلَم تَصرْ يَمينًا من غيرِ نيةٍ (١).

وذهَبَ الحَنابِلةُ إلى أنَّ مِنْ الأَيمانِ المُكفَّرةِ الحَلفِ بالأَمانةِ فإنْ أَضافَها إلى اللهِ، أو نَوى بها صِفةَ اللهِ تَعالى فهو يَمينٌ، وإنْ قالَ: والأَمانةِ. وأَطلَقَ فرِوايتانِ الصَّحيحُ منهما لا يَكونُ يَمينًا (٢).


(١) «الحاوي الكبير» (١٥/ ٢٧٩، ٢٨٠)، و «المهذب» (٢/ ١٣٠)، و «البيان» (١٠/ ٥٠١)، و «روضة الطالبين» (٧/ ١٣٦، ١٣٧)، و «النجم الوهاج» (١٠/ ٢٠)، و «المغني» (٩/ ٤٠٥)، و «شرح الزركشي» (٣/ ٣٠٤، ٣٠٥)، و «المبدع» (٩/ ٢٥٦)، و «الإنصاف» (١١/ ٥).
(٢) «المغني» (٩/ ٤٠٥)، و «شرح الزركشي» (٣/ ٣٠٨)، و «الإنصاف» (١١/ ٦)، و «كشاف القناع» (٦/ ٢٩٤)، و «مطالب أولي النهى» (٦/ ٣٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>