للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا في غيرِ المَظلومِ فأما المَظلومُ فقد جاءَ في «المغني» لابنِ قُدامةَ : مَسأَلةٌ: قالَ: (وإذا حلَفَ فتَأوَّلَ في يَمينِه فله تَأويلُه إذا كانَ مَظلومًا، وإنْ كانَ ظالمًا لَم يَنفعْه تَأويلُه؛ لِما رُويَ عن النَّبيِّ أنَّه قالَ: «يَمينُك على ما يَصدُقُك به صاحِبُك».

مَعنى التَّأويلِ: أنْ يَقصدَ بكَلامِه مُحتَملًا يُخالِفُ ظاهِرَه نحوَ أنْ يَحلِفَ «إنَّه أَخي» يَقصدُ أُخوةَ الإِسلامِ أو المُشابَهةَ أو يَعنِي بالسِّقفِ والبِناءِ السَّماءَ وبالبِساطِ والفِراشِ الأرضَ وبالأَوتادِ الجِبالَ وباللِّباسِ اللَّيلَ أو يَقولُ: «ما رَأيتُ فُلانًا» يَعني: ما ضَربتُ رئتَه، و «لا ذَكرتُه» يُريدُ: ما قَطعْتُ ذكَرَه، أو يَقولُ: «جَواري أَحرارٌ» يَعني: سُفنُه، و «نِسائي طَوالقُ» يَعني: نِساءَ الأَقاربِ منه، أو يَقولُ: «ما كاتَبتُ فُلانًا ولا عرَّفتُه ولا أَعلَمتُه ولا سأَلتُه حاجةً ولا أَكلْتُ له دَجاجةً ولا فَروجةً ولا شَربتُ له ماءً ولا في بَيتِي فُرشٌ ولا حَصيرٌ ولا بارِيةٌ» ويَنوي بالمُكاتَبةِ مُكاتَبةَ الرَّقيقِ وبالتَّعريفِ جَعلَه عَريفًا وبالإِعلامِ جَعلَه أَعلمَ الشَّفةِ والحاجةُ شَجرةٌ صَغيرةٌ والدَّجاجةُ الكَثةُ مِنْ الغَزلِ والفَروجةُ الدّراعةُ والفُرشُ صِغارُ الإِبلِ والحَصيرُ والحبسُ والبارِيةُ السِّكينُ التي يُبْرَى بها أو يَقولُ: «ما لفُلانٍ عِندي وَديعةٌ ولا شيءٌ» يَعني: ب «ما» الذي أو يَقولُ ما فُلانٌ ها هنا ويَعني مَوضعًا بعينِه أو يَقولُ: «واللهِ ما أَكلتُ مِنْ هذا شَيئًا ولا أَخذتُ منه» يَعني: الباقِي بعدَ أَخذِه وأَكلِه، فهذا وأَشباهُه مما يَسبقُ إلى فَهمِ السامِعِ خِلافَه إذا عَناه بيَمينِه فهو تَأويلٌ لأنَّه خِلافُ الظاهرِ.

ولا يَخلو حالَ الحالِفِ المُتأَولِ مِنْ ثَلاثةِ أَحوالٍ:

<<  <  ج: ص:  >  >>